وأخيراً وطأ الدب الكرم بقدميه العريضتين وأصبح دونالد ترامب بعد أدائه اليمين الدستورية 20 كانون الثاني الرئيس 45 للولايات المتحدة الأمريكية خلفا لباراك أوباما. بدأ عهده وهو يتعهد باجتثاث الإرهاب من على وجه الأرض، وقد انكفأ داخليا وبخطاب قومي شعبوي وهو يقسم أنه سيحمي امريكا من هجمات مدعاة من إيران وكوريا الشمالية وذلك بإنشاء نظام دفاع صاروخي بالغ التطور. ساعة العمل دقت عند ترامب، كما جرى الشيء ذاته في عديد العواصم التي توالت ردود فعلها على ما يعتبره البعض "الحدث الجلل" لرئيس عجائبي" لم تزل تصريحاته إبان حملته الانتخابية تصم الآذان!
الرئيس الأمريكي وقبيل تناول غدائه وقع قانونا يسمح فيه لوزير الدفاع الذي اختاره جيمسي ما تيس، الجنرال المتقاعد في مشاة البحرية الأمريكية، بالخدمة في منصبه الجديد. ووزير الدفاع معلوم بقربه ودعمه لترامب ومواقفه من ايران وعدائه لقضايا الشعب الفلسطيني والعربي العادلة وللمسلمين.
وطبقا لورقة بحثية أعدها الخبير العسكري الصهيوني "عمير ربابورت" ونشرها على موقع "يسرائيل ديفينس" للدراسات العسكرية تحدث فيها عن الأخبار السارة لوصول ترامب إلى سدة البيت الأبيض حين قام رودولف جولياني، الرئيس السابق لبلدية نيويورك وعمدتها الشهير والصديق الأقرب لترامب بزيارة دولة العدو الشهر الماضي وقد عقد لقاءات مع القيادة الرفيعة لشركة رفائيل للصناعات العسكرية وما تسرب من دعم أمريكي لتطوير منظومة القبة الحديدية.
كثيرة هي الدلائل على العلاقة الحميمة حين نقرأ سلوك ترامب تجاه دولة الاحتلال ومنها ايضا هوية السفير الامريكي ديفيد فريدمان المناصر دون تردد للاستيطان والداعم لنقل السفارة الامريكية إلى مدينة القدس المحتلة.
ولكن وبالعودة إلى كل سياسات الإدارات الامريكية نراها في اتجاه واحد واضح، متى كانت وفي الجوهر سياسات واشنطن بعيدة عن تل أبيب؟ لقد تقاسمت الإدارتان الجمهورية والديمقراطية وبتزاحم مل نظيره دعماً لا حدود له لدولة العدو، بل وقدما لها كل ما يضمن لها التفوق المطلق في عدوانها ضد الشعب الفلسطيني والدول العربية مجتمعة حتى ضد حلفاء امريكا العرب في المنطقة.
لقد شكلت دولة تل أبيب الولاية 51 للولايات المتحدة الامريكية وهي التي تحقنها اليوم بإكسير الحياة وهي التي تشكل القاسم المشترك عند الحزبين الكبيرين في واشنطن!
كما أتخمت هاتان الادارتان تل أبيب بما أثقل عليها على المستويين العسكري والمدني بل وزادتها دبلوماسيا بخمسة وأربعين فيتو ضد الثوابت الوطنية الفلسطينية من بين خمسة وثمانين فيتو ضد قضايا شعوب العالم قاطبة! وعلينا الانتباه بعيدا عن حالة الهوس المدعاة اليوم عن ترامب أن الغارب عن البيت البيضاوي باراك أوباما قام بتقديم خدمات جليلة وغير مسبوقة لم يقدمها رئيس أمريكي آخر.
باراك أوباما عقد صفقة تحالف استراتيجي بقيمة 38 مليار دولار تغطي حاجة العدو ويزيد لعشر سنوات قادمة وبطائرات 35f وهي الاحدث في اسلحة جو الدنيا قاطبة ولا وجود لها في غير البنتاغون ووزارة الحرب الصهيونية.
إن ما قد يقدمه القادم الجديد ترامب هو السماح لتسريب البعض من الاجهزة التكنولوجية المتطورة التي تمنع اوباما من تزويدها بها، وكذلك استخدام جانب من المساعدات المالية الامريكية لتطوير الصناعات العسكرية وهو ما ذهب جولياني لمناقشته في تل ابيب الشهر الماضي الذي قد يكون المدعي الامريكي القادم!
ونعلم جميعا ان الشعوب التي اشتغلت وحركات التحرير التي انجزت الاستقلال التام اعتمدت دوما على العامل الذاتي، واستندت إلى وحدتها الداخلية وحصنت قلعتها وفرضت ارادتها وانتصرت. هذا ما وقع في فيتنام حتى امتلكت حركة التحرير الفيتنامية "الفيتكونغ" الإرادة فهزمت غطرسة القوة الامريكية ذاتها عام 1975 وتوحدت هانوي وسايغون".
هذا ما يجب أن نتملكه حتى ننتصر، وهذا هو الذي يجري اليوم في شوارع وأزقة فلسطين المحتلة من فرز واستقطاب في مواجهة العدو والمتعاونين معه في القدس ورام الله ونابلس وفي عرعرة وأم الحيران.