ارتفع, أمس, الجمعة, مستوى التهديدات التي يصدرها قادة الاحتلال ضد قطاع غزة، وصدرت عن أعلى مستوى متمثل في رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو الذي هدد برد حاسم في حال استمرار الأوضاع الحالية أو شن هجمات من غزة، وسبقه وزير الجيش ليبرمان، وقائد الجيش ايزنكوت الذي حضر إلى الميدان ليوجه مزيدًا من التهديدات.
هذا السعار من التهديدات يعود إلى حالة الإرباك والتخبط التي تعيشها قيادة الاحتلال, نتيجة فشلها في التعامل مع مسيرات العودة التي تحولت إلى كابوس للجيش، الذي فقد السيطرة على الحدود مع قطاع غزة، ووفق تقديرات الخبراء الإسرائيليين بأن استمرار هذه الحالة سيقود نحو تآكل قوة الردع الإسرائيلي، وستقوى شوكة المقاومة بغزة، لذلك لجأ للتهديدات لعلها توقف ذلك، لكن الرد جاء من الجماهير الفلسطينية التي خرجت في مسيرات العودة، بزخم أكبر وأعلى، وظهور أدوات جديدة لم يعهدها الاحتلال.
من الضروري أن تُتخذ تلك التهديدات على محمل الجد، والتعاطي معها بما يحفظ الساحة الفلسطينية من عدوان إسرائيلي قادم، أو تصعيد بين الاحتلال والمقاومة، بهدف العودة إلى مباحثات التهدئة والتي يظهر من خلالها أن الاحتلال يريد أن يذهب للتهدئة، وخاصة بعد اتهام ليبرمان لعباس أنه يعطل المصالحة ويريد الدفع نحو مواجهة مع حماس، وهنا المبرر الإسرائيلي واضح تجاه مزيد من الضغط لوقف مسيرات العودة التي أصبحت ساحة للتجاذبات السياسية والحزبية الإسرائيلية.
الصراع الداخلي لدى الاحتلال فتح المجال أمام سعار التهديدات تجاه غزة، وخاصة بين وزير الجيش ليبرمان ووزير التعليم بينت، واتهام الأخير للأول أنه فشل في التعامل مع غزة، وأنه حوّل الجيش لأضحوكة أمام الفلسطينيين، ولم يعد الجيش قادرًا على مواجهة ما يحدث، وفي كلتا الحالتين فإن الدماء الفلسطينية هي حصيلة التنافس الانتخابي والصراع الداخلي لدى الاحتلال، ولا يستبعد أن يتم ترجمتها بمزيد من الدماء الفلسطينية، لكن المؤكد أن النتيجة لن تكون لصالح الاحتلال بتحقيق أهدافه.
يمكن القول: إن ذهاب الاحتلال نحو تنفيذ تهديده سيقود لمواجهة وتصعيد يمكن أن يتجاوز المواجهة المحدودة إلى حرب تدعي (إسرائيل) أنها لا تريدها لكنها تفعل اليوم كل شيء لتهيئة الظروف لها، وخاصة أن المقاومة بما تستطيع من قدرات لن تمرر التهديدات أو العدوان.