أثار زعم صحيفة إسرائيلية إجراء لقاء مع قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، جدلًا واسعًا في الأوساط الفلسطينية ومنصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.
وما إن أعلنت "يديعوت أحرنوت" العبرية، أمس الأول الخميس، عزمها نشر حوار قالت إنها أجرته مع الرجل، بُعيد استقباله الصحفية الإيطالية "فرانشيسكا بوري"، حتى بدأت موجة تعليقات تنتقد وأخرى تبرر.
ورغم نفي الحركة، في وقت لاحق، قبول القيادي فيها إجراء مقابلة لصالح صحيفة عبرية، وتأكيد "بوري"، مساء أمس الجمعة، أنها تعمل لصالح "لاريبوبليكا" الإيطالية، ونفيها التعاون مع "يديعوت أحرنوت"، إلا أن القضية ما تزال محل أخذ ورد، ما اعتبره مراقبون نجاحًا من قبل إعلام الاحتلال الإسرائيلي في تسليط الضوء على طبيعة الموقف الفلسطيني.
استنكار وتبرير
اعتبر نشطاء وكتاب فلسطينيون إجراء السنوار مقابلة مع صحيفة عبرية "نوعًا من التطبيع مع إسرائيل"، فيما قلل آخرون من أهمية ذلك، وإن حدث بالفعل.
ورغم نفي الحركة، وتأكيدها أن السيدة "بوري" قدمت نفسها على اعتبار أنها تعمل لصالح "لاريبوبليكا" الإيطالية و"الغارديان" البريطانية، إلا أن ذلك لم يقنع عددًا من الكتاب والنشطاء.
وقبل أن يصدر توضيح الصحفية، وصف معلقون تبرير السنوار بأنه محاولة لـ"استغفال الشعب الفلسطيني".
وعبر صفحته على "فيسبوك"، قال الكاتب الفلسطيني المقيم في لندن، إبراهيم حمامي، إن الحوار "فضيحة مكتملة الأركان".
وأضاف "حمامي" أن تبرير مكتب السنوار "محاولة خطيرة" لرمي الكرة في ملعب أمن حماس، المسؤول عن إجراء التحريات بشأن ارتباطات الصحفيين؛ ليخرج هو من "ورطته".
في المقابل، قال الكاتب الفلسطيني والخبير في الشؤون الإسرائيلية، صالح النعامي، إنه لا يرى مسوغًا لإثارة زوبعة حول المقابلة.
وأضاف، عبر فيسبوك: "من الواضح أن الصحفية التي أجرت المقابلة مع السنوار قدمت نفسها على أساس أنها مراسلة لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية، في حين كانت تعمل أيضًا لصالح يديعوت أحرنوت الإسرائيلية".
وأشار النعامي أن كثيرًا من الصحفيين الإسرائيليين يعملون بهذا الأسلوب.
وتابع: "بعض من حاول ركوب الموجة (بمهاجمة السنوار) هم من المطبلين لأبو مازن (رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس)".
فيما رأى آخرون ضرورة توجيه رسائل، في أوقات تتطلب ذلك، بشكل مباشر إلى المجتمع الإسرائيلي وقيادته، بينما أكد آخرون أن الحديث إلى الصحافة العبرية لا يعد نوعًا من التطبيع.
نفي "بوري"
مساء أمس الجمعة، خرجت الصحفية الإيطالية عن صمتها، ونفت أنها تحدثت إلى السنوار باسم صحيفة "يديعوت أحرنوت".
وأكدت "بوري"، في مقطع فيديو بشرته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنها لا تعمل لصالح الصحافة الإسرائيلية، وأنها صحفية مستقلة وتكتب لصالح صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية.
وأضافت أن "السنوار تحدث معي أنا فرنشيسكا التي تعمل لصالح صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية، التي تترجم لكافة لغات العالم".
وتابعت أن الرجل تكلم من خلالها "إلى العالم أجمع"، مشيرة أن ترجمة مقالاتها إلى اللغة العبرية لا يعني أنها تعمل لصالح الصحافة الإسرائيلية.
يشار أن بيان مكتب السنوار، الصادر الخميس، أفاد بأن "بوري" تقدمت بطلب رسمي للقاء السنوار لصالح لاريبوبليكا والغارديان، وأن تحريات الإعلام الغربي في الحركة أثبتت أن الصحفية ليست إسرائيلية.
وأكد البيان أن المقابلة لم تكن مباشرة، وأن الجانبين اكتفيا بالتقاط صورة مشتركة، فيما كان استقبال الأسئلة وإرسال الردود كتابي عن بعد.
وأضاف: "على ما يبدو فقد باعت الصحفية اللقاء إلى صحيفة يديعوت أحرونوت"، مشيرًا أن الأخيرة حرفت بعض المضامين ليبدو أنه كان لصالحها.
ولفت البيان إلى أنه يحتفظ بحقه في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق الصحفية ومقاضاتها.
بدوره، قال الصحفي الفلسطيني، محمد الجمل، عبر "فيسبوك"، إن ما حدث كشف قدرة "الاحتلال" على إحداث بلبلة في الصف الفلسطيني "بجهد بسيط".
وأوضح الجمل أن وسائل إعلام الاحتلال يتقاطع عملها مع مؤسستي الجيش والمخابرات، قائلا: "لا ينبغي قبول أخبارها دون تحقيق"، مطالبًا في الوقت نفسه بمزيد من الثقة المتبادلة لمواجهة التحديات التي تقف أمام الشعب الفلسطيني.
المصدر: وكالة الأناضول