وقف نتنياهو أمام الأمم المتحدة منتشيًا بما حققه مما يقول إنها نجاحات للاحتلال الإسرائيلي، وهاجم حماس وغزة ولبنان وإيران، وتبدو عليه السعادة في مقابلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خاصة بعد كشف اللقاءات الخاصة بين الرجلين، وتفاخر نتنياهو بالعلاقات التي يقيمها مع بعض الأنظمة العربية، التي تسمى معتدلة، وهي في الواقع مطبّعة ومتعاونة مع الاحتلال، ولا شك أن الاحتلال حقق العديد من الإنجازات في ذلك، لكن هذه الإنجازات تتهاوى أمام الشعب الفلسطيني الذي يثبت أنه متقدم في كل المواقف وأمام كل الأحداث، ومنها ما كان خلال العام الذي تفاخر به الطاووس.
نتنياهو الذي يبدو أنه يعد لحملته الانتخابية القادمة كرر نفس الكلام أمام مجلس المنظمات الصهيونية "أيباك"، حيث قدم عرضًا تفصيليًا لما حققه الاحتلال من تقدم على مستوى العالم في مجالات عدة، وهنا قد تحمل جزءا من الحقيقة، لكن لا تحمل الحقيقة كاملة، حيث لا يزال هذا الطاووس يعيش وسط بيئة طاردة له ولكيانه، وإن ما توفره له السلطة الفلسطينية على الصعيد الداخلي من أمن وتعاون قد ينهار في لحظات إذا ما حدث تغيير في السلطة، خاصة بعد وفاة رئيس السلطة محمود عباس، أو ظهور قيادة جديدة لحركة فتح في الضفة الغربية تُنهي حكم المنسقين الأمنيين. وقد اعترف رئيس الشاباك بإمكانية اندلاع مواجهات في الضفة تتجاوز 80%، ويمكن للشبان الفلسطينيين على غرار خليل جرادات الذي وجه ضربة قاسية للأمن الإسرائيلي في الضفة فعل أكثر ذلك، ويمكن قراءة أن الأحداث تذهب باتجاه إفشال مخطط الطاووس نتنياهو هناك.
الأمر الأكثر وضوحًا هو قطاع غزة الذي يواجه المشروع الصهيوني بقوة كبيرة وتحدٍّ وتضحية، وهو يواجه اليوم صفقة القرن بقوة، ويمتلك القوة الكافية والقدرة على ردع الاحتلال عن شن عدوان على غزة، وتمتلك المقاومة القدرة على صد الاحتلال وإفشال مخططه التوسعي وإنهاء ادعائه بأنه يعيش بأمن، ويمكن له إذا ما فصل قطاع غزة عن الضفة أن يعيش بأمن واطمئنان.
الذي غاب عن نتنياهو أن العلاقات التي يتحدث عنها هي مدده من الحكومات والأنظمة العربية التي تعيش على الأمن الأمريكي كما ذكر ذلك ترامب قبل يومين. إن كل العلاقات الخاصة التي يقيمها لا يمكن أن تترك تأثيرا على الشعوب العربية والإسلامية ذاتها التي لا زالت ترفض الكيان الصهيوني، لكنها محكومة بتلك الأنظمة التي تفاخر نتنياهو بالعلاقات الخاصة معها، لكن سيأتي يوم وتزول تلك الأنظمة، وحينها يعود الاحتلال إلى عزلته وانتهاء حقبة التطبيع والهيمنة في المنطقة، وإن ما يتفاخر به نتنياهو سينتهي سريعاً.