انتهى خطاب محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة دون اهتمام فلسطيني، أو عربي، أو دولي به. القاعة كادت أن تكون فارغة من المستمعين للخطاب؟! لماذا تركت الوفود قاعة الاجتماعات بأعداد كبيرة؟! الجواب يكمن في أحد أمرين: إما استجابة لضغوط أميركية إسرائيلية، لكسر نفسية عباس، وإما لأن الوفود كانت تعلم مسبقًا أنها ستستمع لخطاب مكرر، هي تحفظه عن ظهر قلب من العام الماضي على الأقل.
المهم أن الخطاب جاء مكررًا للخطاب السابق في العام الماضي، حيث استجداء المفاوضات، وشكوى أميركا وإسرائيل للوفود الحاضرة، والإعلان عن تمسكه بحل الدولتين والمفاوضات، ووصف المقاومة بالإرهاب؟! والفقرة الجديدة الوحيدة هي تهديد حماس وغزة بعقوبات جديدة؟!
لم يهدد محمود عباس ( إسرائيل) بوقف التعاون الأمني، أو بسحب الاعتراف بها، ولكنه كان حازمًا في تهديد غزة وحماس؟!
ما قام به عباس من تدويل لمشكلة فلسطينية داخلية لا يدل على حنكة سياسية عالية، لأنه أضر بنفسه، وبتمثيله للكل الفلسطيني، حين كشف عن حالة انقسام داخلي، أمام مجتمع دولي، لا يتحدث فيه الخطباء عن مشاكل بلادهم الداخلية مع المعارضة. عباس أخطأ خطأ فادحًا في هذه الفقرة التي حاول أن يتقرب بها إلى أميركا وإسرائيل، والأصل أن يتخفف من هذه المشكلة ويركز الحديث على (إسرائيل)، وحلفاء (إسرائيل)، وعلى حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، وإقامة دولته المستقلة.
يبدو أن عباس قد استبدّت به الكراهية واليأس، حين نقل مشكلة الانقسام إلى الجمعية العامة، في خطوة يستعدي بها دول العالم على جزء من شعبه، ولو أنصف نفسه لهدد (إسرائيل) ودول العالم بالتوجه إلى التوحد مع حماس، ونسيان الماضي، وجمع الشعب ضد الاحتلال، وضد تصرفات أميركا. العاقل هو من يستقوي بشعبه على عدوه، لا من يتقوى بعدوه على شعبه؟! وهذا ما لم يفعله إلا عباس؟!
ماذا كان يهدف عباس من تهديد غزة وحماس من على منبر الجمعية العامة؟! هل كان يهدف إلى الإعلان عن فشل الجهود المصرية للمصالحة؟! أم كان يهدف الطلب من العالم تشديد الحصار على غزة؟! أم كان يهدف الإعلان عن استعداده للتحالف مع (إسرائيل) والعالم لمحاربة حماس في حرب رابعة على غزة؟! لست أدري ما هدفه، ولكني أجزم أن هدفه كان سلبيا وخبيثا؟!