قائمة الموقع

​محاصرة البراءة.. الأطفال خلف قضبان الاحتلال

2018-09-28T11:17:22+03:00

لم تخل انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000 من أحداث ومشاهد اعتقال الاحتلال، الأطفال دون أي مبرر أو حجة، ليرتكب بحقهم جرائم تتعارض مع القوانين والاتفاقيات الدولية.

المقدسي داود صيام عانى ولا زال من مسلسل اعتقال ابنيه منذ كانا طفلين وحتى أصبحا شابين، قال: "خلال أحداث انتفاضة الأقصى تكرر اعتقال اثنين من أطفالي أكثر من مرة، اعتقل أحمد أربع مرات مع بداية الانتفاضة وهو في عمر 12 عامًا، ومحمد مرتين عندما كان عمره 10أعوام".

يستذكر والدهما المشاهد المأساوية لاقتحام أعداد كبيرة من جنود الاحتلال الإسرائيلي للمنزل في ساعات متأخرة من الليل، أو في الصباح الباكر من أجل اعتقال طفليه، بعدما يقلبوا أثاث البيت رأسًا على عقب، فتصاب عائلته بحالة من الذعر والرعب، وخاصة طفليه اللذين تتغير ملامحهما من الخوف لدرجة يصعب تفسيرها، وفي كل مرة توجه التهمة بأنهم من راشقي الحجارة.

وأوضح صيام أن من أساليب التعذيب الذي ذاق ويلاتها أبناؤه الضرب والتحقيق لساعات طويلة وفي ظروف قاسية بعيدًا عن وجود أحد من ذويه، فابنه أحمد تعرض في إحدى مرات الاعتقال لكسر في يده، وإصابة في عينه كانت بحاجة إلى علاج لمدة طويلة، هذا عدا عن الألم والضرر النفسي الذي تسبب لهم.

ورغم أن فترة اعتقالهم لا تطول كثيرًا، إلا أنها لا تنتهي إلا بدفع غرامات مالية، أو إبعادهم عن مكان عيشهم في بلدة سلوان، إلى جانب حرمانهم من حقوقهم الطفولية، مشيرًا إلى أن آثار الاعتقال التي كانت تبدو واضحة على طفليه، تحتاج إلى وقت طويل من أجل إخفائها، كتراجع في مستواهم الدراسي، والكوابيس الليلية الذي تأبى أن تفارق ساعات نومهم.

ولفت صيام إلى أن غرف التحقيق ومكان الاعتقال لم تكن تتناسب مع كونهم معتقلين أطفالا، اليوم أصبح عمر أحمد (22 عامًا)، ومحمد (20عامًا) وما زالا يعيشان تراجيديا الاعتقالات، فالأول اعتقل في شهر رمضان الماضي، ومحمد في العام السابق.

لا احترام للاتفاقيات

من جهته، قال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، عايد أبو قطيش: "ينتهج الاحتلال الإسرائيلي أسلوبا تعسفيا في التعامل مع الأطفال الفلسطينيين في إطار عمليات الاعتقال والمحاكمة بشكل أساسي من الاعترافات التي يتم الحصول عليها من الأطفال باستخدام أساليب مختلفة، كما أنها جريمة إسرائيلية ترتكب بحقهم".

وذكر أبو قطيش لصحيفة "فلسطين"، أنه قد بلغ عدد الأطفال الذين تم اعتقالهم خلال الانتفاضة بين عامي 2000 و2005م ما يتراوح بين أربعة آلاف وخمسة آلاف بمحكوميات مختلفة، فالأوامر العسكرية الاحتلالية ليس لديها ما يجبرها على تخفيض الأحكام بحق الأطفال، فإذا لم يتجاوز عمر الطفل 13 عامًا يحكم بالسجن بين 12 و13 عامًا، أما إذا تخطى ذلك العمر فيفرض عليه عقوبة بالسجن المؤبد.

وبين أبو قطيش أن المحاكم العسكرية الاحتلالية لا تحترم المعايير التي وردت في اتفاقية حماية حقوق الطفلالدولية، كما أنها وضعت مجموعة من المحددات التي على ضوئها يجب ألا يتم تعذيب الأطفال، وعلى السلطات الإسرائيلية محاولة البحث عن بدائل للاعتقال، لأنه من خلال مراقبة أداء المحاكم الإسرائيلية يتم محاكمة الأطفال بالسجن، إلى جانب غرامات مالية.

وفي تقرير للمحكمة العسكرية الاحتلالية سنة 2011 أشارت إلى أن نسبة الإدانة في محاكم الاحتلال تصل إلى 99%، وهذا يعني أن الطريقة التي تتعامل فيها المحاكم مع الفلسطينيين هي غير منطقية، والتي تقوم على أن الفلسطيني مدان من اللحظة الأولى.

وأكد أن الأطفال خلال مدة اعتقالهم يتم حرمانهم من أبسط حقوقهم، فعملية اعتقالهم تؤثر على نفسيتهم، وخلال الثلاثة أشهر الأولى من الاعتقال لا تكون هناك أي آلية تواصل بين الطفل وأهله، والبعض منهم لا يستطيع إكمال تعليمه بعد خروجه من السجن، وقد استخدمت (إسرائيل) اعتقال الأطفال وتعذيبهم كإحدى أدوات السيطرة على الانتفاضة القائمة.

بينما قال المحامي في مؤسسة "الضمير" في القدس المحتلة محمد محمود: "اعتقال الأطفال الفلسطينيين يتم وفق (ما يسمى) قانون الأحداث الاحتلالي، وبذات الوقت يتم ذلك بشكل مناقض للقوانين الدولية واتفاقية جنيف التي تحمي حقوق الأطفال وتمنع اعتقالهم".

وأوضح محمود لصحيفة "فلسطين"، أنه لاشك أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من وراء اعتقال الأطفال لتحقيق هدفه وهو وأد أي محاولة تقوم على الاعتراض على الاحتلال بشتى الأشكال المتعارف عليها، ومن بين ذلك كان سعيه لإجهاض انتفاضة الأقصى.

وأضاف: "كما أن الاحتلال يسلب الأطفال والقاصرين حقوقهم عند الاعتقال، فلا يسمح لأهلهم بالتواجد معهم في غرف التحقيق، ويحقق معهم في ظروف قاسية، وفي أغلب الحالات يتم الاعتداء عليهم جسديًا، وممارسة التهديد والشتم بألفاظ غير مقبولة".

وخلص إلى أن اعتقال الأطفال كان وما زال يتم بشكل منافٍ للقوانين وبطريقة وحشية، وبصورة همجية، حيث يتم اقتحام بيوتهم في ساعات الصباح الباكر ويتم سلبهم أبسط الحقوق، وهذا يتعارض مع كل الاتفاقات الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف التي تحمي الأطفال، لافتًا إلى أن هناك آلاف الأطفال الذين تم اعتقالهم منذ بداية انتفاضة الأقصى.

اخبار ذات صلة