يرى محللون سياسيون أن انتفاضة الأقصى التي اندلعت إثر تدنيس رئيس حكومة الاحتلال الأسبق أرئيل شارون، باحات المسجد الأقصى، شكلت مواجهة مفتوحة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي بعد سنوات قليلة على توقيع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق "أوسلو" مع (إسرائيل).
وتوافق الشهر الذي اندلعت فيه الانتفاضة وتحديدًا في 28 سبتمبر/ أيلول 2000، مع ذات الشهر الذي وقع فيه "أوسلو" سنة 1993.
ويقول المحلل السياسي عماد محسن، إن اندلاع الانتفاضة كان استجابة طبيعية للمشهد السياسي الذي سبق تدنيس الأقصى، في أعقاب "كامب ديفيد" الثانية، وحالة الغضب التي أصابت الفلسطينيين مع استمرار انتهاكات الاحتلال بحقهم.
وقد عبرت الانتفاضة عن ذلك بتطوراتها التي جرت بدءًا بإلقاء الحجارة تجاه جنود الاحتلال مرورًا باستخدام السلاح الخفيف، وانتهاءً بالصواريخ محلية الصنع، كما يقول محسن لصحيفة "فلسطين".
وتابع أن هذا الأمر أقنع قادة الاحتلال وجنرالاته أن البقاء في غزة يعني الموت لكل المستوطنين في ظل التطور المتسارع لقدرات المقاومة الفلسطينية آنذاك، وفي إثر ذلك اندحر الاحتلال من القطاع الساحلي في 2005.
وأكد محسن أن وتيرة المقاومة في الضفة الغربية لو ماثلت نظيرتها في قطاع غزة، لشهدنا اندحارا للاحتلال كذلك من الضفة المحتلة.
ولم يجد مدير مخابرات السلطة ماجد فرج حرجا، في يناير/كانون الثاني 2016، من الإعلان خلال مقابلة مع مجلة "ديفنس نيوز" الأمنية الأمريكية، عن إحباط الأجهزة التابعة للسلطة في الضفة 200 عملية فدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي، واعتقالها 100 شاب خلال انتفاضة القدس التي اندلعت مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2015 ، الأمر الذي أثار جدلا واسعا.
ورأى أن الانتفاضة أكدت أن الشعب الفلسطيني متمسك بحقوقه غير القابلة للتصرف، وثوابته الوطنية التي أجمعت عليها قوى وفصائل الشعب الفلسطينية منذ بدء الصراع مع الاحتلال، وجددت التأكيد أن الفلسطيني جاهز أن يضحي بالغالي والنفيس من أجل حريته واستقلاله وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
من جهته، بين الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، أن الانتفاضة ورغم تكلفتها على الفلسطينيين وما فرضه الاحتلال من جدار فصل عنصري واستيطان واعتقالات واجتياحات في غزة والضفة، فإنها جاءت ردًا على انتهاكات الاحتلال وتلكئه، والغضب الفلسطيني والرغبة بسحق مواقف (إسرائيل).
وقرأ المحلل السياسي الاختصاصي بالشؤون الإسرائيلية عادل شديد، انتفاضة الأقصى بأنها رسالة فلسطينية حول مكانة وأهمية المسجد الأقصى تحديدًا، خاصة أن ما طرح إسرائيليًا بخصوص مستقبل المسجد الأقصى، لا يلبي الحد الأدنى من الخطوط الحمر لدى الفلسطينيين.
وأشار في حديث مع صحيفة "فلسطين"، إلى أنها جاءت بعد مفاوضات "كامب ديفيد" بين حكومة الاحتلال برئاسة إيهود باراك آنذاك، ومنظمة التحرير بزعامة عرفات.
وأضاف أن الانتفاضة كانت مصلحة فلسطينية يمكن أن توظف ما حدث من اقتحام للمسجد الأقصى للتنصل والخروج من "مطب أوسلو"، لافتا إلى أن بموجبه اعترف الاحتلال بمنظمة التحرير ممثلا للشعب الفلسطيني، وقوبل ذلك باعتراف السلطة بـ(إسرائيل) كـ"دولة".
وتابع شديد أن هذا الاعتراف ألزم منظمة التحرير بالعمل على حماية أمن (إسرائيل).
ويعتقد شديد أن عرفات أيقن لاحقا أن "أوسلو" لم يكن أكثر من مصيدة إسرائيلية للإيقاع به وتحقيق ما يريد الاحتلال.
وقال شديد، إن اقتحام شارون للأقصى مثل سببا كبيرا لتجنيد الرأي العام الفلسطيني والذهاب إلى مواجهة مفتوحة مع الاحتلال، على الأقل لمعالجة تبعات "أوسلو".