تساؤلات عدة تطفو إلى السطح، حول الأسباب التي غيبت العمل المقاوم المسلح للفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، وتحول دون أخذ العمل المقاوم زمام المبادرة لمواجهة ممارسات قوات الاحتلال التعسفية والتهويدية بحق المواطن والأرض والمقدسات، وهو ما حاولت "فلسطين" في تقريرها الاجابة عنه من مراقبين في الشأن السياسي والأمني، إلى جانب الاستفسار عن إمكانية نهوض العمل المقاوم المسلح مرة أخرى.
المحلل السياسي، فرحان علقم، قال: إن "معيقات وعقبات" عدة واجهت المقاومة المسلحة للفصائل خلال السنوات العشر الأخيرة، وحدت من وجودها وبصمتها في الميدان، ليكون المشهد العام بعض العمليات المقاومة التي تجري بين الفينة والأخرى بإعداد فردي خالص ومن دون حاضنة تنظيمية.
وأضاف علقم لصحيفة "فلسطين"، أن "علو سياسة التنسيق الأمني في الضفة الغربية ما بين السلطة الفلسطينية وسلطات دولة الاحتلال، والتي تعاظمت بعد وقوع الانقسام الفلسطيني، كبلت المقاومة من معصميها، ولاحقت أي إمكانية لانبعاثها من جديد ردا على أي انتهاك وتغول إسرائيلي بحق الأرض والإنسان".
تراجع العمل
ولفت إلى أن التنسيق الأمني أدى إلى تراجع العمل المنظم، ولاحق نشاط التنظيمات التي تعتمد العمل المقاوم كنهج لها ضد الاحتلال، وقد أدى ذلك إلى تراجع التنظيمات في رفد العمل المسلح للخلايا والمقاومين، وغياب دعمها عن مفاصل التمويل والتدريب والتخطيط للأفراد.
ومن جانب آخر، رأى علقم أن الحالة العريضة التي أرستها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المتمثلة في تشديد الخناق على إمكانية وجود حاضنات لإعداد رجال المقاومة وبث روح الحمية والجهاد فيهم، وحصر دور المساجد في جوانب محددة لا تخرج عن السياسة العامة المهادنة التي تتبعها السلطة، كانت بمثابة أدوار مهمة أخفَتْ المقاومة المسلحة المنظمة عن الخارطة.
وإلى جانب ذلك، لفت إلى أن خلافات الفصائل، وغياب الأفق الواضح والوحدة والائتلاف، مع وجود من يدعم ويؤيد العمل المرتبط بمسار التسوية، ويقتصر عليه، ووجود من يعارضه، أمور ألقت بظلالها على مجمل العمل الوطني المقاوم في الضفة الغربية وافقدت حتى المواطن العادي الاهتمام بما يجري من أحداث.
واستبعد علقم في ذات الوقت أي إمكانية لأن تكون الحالة التي تعصف بالمقاومة المسلحة في الضفة نتيجة الظروف الحاصلة والمفروضة عليها، هي نهاية المطاف لها، وعدم إمكانية نهوضها من جديد، مشددًا على أن العمل الانتفاضي المقاوم هو منهاج حياة لدى الشعب الفلسطيني، يدعم اشتعاله الاحتلال بنفسه من حيث لا يدري.
الدور المنوط
المحلل السياسي خالد عمايرة، رأى أن أسبابا سياسية وأمنية عملت على وقف العمل المقاوم المسلح في الضفة الغربية بالطريقة المنظمة التي تتبع للفصائل والقوى الفلسطينية، كان أبرزها سياسة "التنسيق الأمني" ما بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل).
وقال عمايرة لصحيفة "فلسطين": إن السلطة الفلسطينية "قامت بالدور المنوط بها تجاه التنسيق الأمني والعمل على ملاحقة المقاومة وأفرادها، على أكمل وجه، وسعت بكل جهد إلى أن تأخذ دوما شهادة حسن سلوك من قبل الاحتلال".
وفي الشأن ذاته، رأى أن التنسيق الأمني "غيب الحاضنة التنظيمية عن الشباب المنضوية تحت ذراع المقاومة أو التي يمكن أن تنضوي تحتها، حيث بات المقاوم في الساحة وحيدًا، يتحمل وحده عواقب تنفيذه أي عملية مسلحة، إلى جانب أهله والذين سيجدون بشكل مؤكد هدم البيت والمنع من العمل دون من يعيد إليهم ما يفقدونه".
وذكر عمايرة أن "سكون المقاومة في الفترة الحالية لا يمكن أن يعتبر انتهاء لإمكانية عودتها، وأن وجود الاحتلال واعتداءاته المستمرة هي عوامل لا شك أنها مستفزة وتنبت روح المقاومة".
وأكد أن "سياسة قمع المقاومة بكل السبل، ومحاولة إنهاء دورها هما من أهم الأمور التي تم العمل عليها خلال الفترة الماضية، وذلك للأسباب المؤثرة على كل دولة (إسرائيل) بشرائحها السياسية والاجتماعية، إلى جانب فرض المقاومة تراجعًا على سياسة الاحتلال ومخططاته على كل الجوانب".