افتتحت قوات الاحتلال، أمس، أنفاقًا استيطانية جديدة تربط بين مدينتي القدس و(تل أبيب) المحتلتين، بدعوى تقليص الاكتظاظ المروري.
وادعت مصادر في حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن الأنفاق الجديدة ستقلص مدة السفر بين هاتين المدينتين، خاصة أن الطريق الذي يربط بين القدس و(تل أبيب) يُعتبر أحد المحاور الأكثر اكتظاظًا.
وقال رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، خلال افتتاح الأنفاق: "سنحتفل بحدث تاريخي، لأن الطريق إلى القدس لم يكن قصيرًا إلى هذا الحد ذات مرة".
من ناحيته، أكد الخبير في شؤون القدس جمال عمرو، أن مشروع الأنفاق ليس جديدًا في القدس المحتلة، لافتًا إلى أن سلطات الاحتلال وعلى مدار العامين المنصرمين كانت تعمل بقوة من أجل إنجاز هذه الأنفاق بتكلفة تجاوزت مئات الملايين من الشواكل.
وأشار عمرو في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن الاحتلال يواصل غطرسته وهجمته بحق الشعب الفلسطيني، وهو يريد أن يرسم خطوطًا عريضة لكيان مصنوع على أرض شعب تمَّ تهجيره وقتله.
وذكر أنه في الوقت الذي يهدم الاحتلال فيه المنازل والمنشآت الفلسطينية، فإنه يقوم بتجهيز بنية تحتية للمستوطنين في القدس وفلسطين المحتلة.
وأشار عمرو إلى أن خبراء أمريكيين أعدوا خططًا جغرافية وميدانية تقضي تمامًا على أية إمكانية لإقامة دولة فلسطينية متصلة الأركان، لافتًا إلى أن الخطط خرجت للتنفيذ مع تلك المشاريع الاستيطانية المحمومة.
وذكر الخبير في شؤون القدس، أن الأنفاق تعدّ جزءًا من مخطط "القدس 2020" الذي شارك في إعداده خبراء إسرائيليون وضعوا خبراتهم فيه ليصلوا إلى تحقيق واقع تصعب إعادته إلى سابق عهده، بينما ستصبح الطرق البديلة ملاذًا للفلسطينيين بعد ضم الشوارع الرئيسة المحيطة بالقدس إلى حدود المدينة والتي يمنع على الفلسطيني دخولها.
وأكد عمرو، أن دولة الاحتلال تهدف من وراء هذا المخطط إلى إقامة "القدس الكبرى" التي تتخطى حدودها خيال سكان الضفة، وذلك بعدما أكمل تفاصيل خطته الكبرى ووضع استراتيجية منظمة للسيطرة على حدود المدينة المقدسة، بما فيها ربط المستوطنات ببعضها لتشكل هي بذاتها حدودًا للقدس بدلاً من السيطرة العسكرية.
وأوضح أن هذا سيكون بعد أن تنتهي عمليات الهدم والتهجير مترافقة مع مشروعات الاستيطان التي تنفذها حكومات الاحتلال داخل المدينة، مشيرًا إلى أن الاحتلال يرمي إلى توحيد القدس وجعلها عاصمة كبرى لدولته، وأن حدودها ستصل إلى مجمع مستوطنات "غوش عتصيون" قرب الخليل جنوبًا، ومدينة أريحا شرقًا، ورام الله شمالاً.
وشدد على أن الشعب الفلسطيني أقوى من كل مخططات الاحتلال، لكن عليه أن يتوحد على راية الأقصى والدفاع عنه، مطالبًا قيادة السلطة بالتوقف عن المراهنة على مشاريع التسوية التي لم تزد القضية الفلسطينية طوال السنوات الماضية إلا "فسادًا".
بدوره، أكد رئيس مركز القدس الدولي د. حسن خاطر، أن افتتاح تلك الأنفاق من شأنه أن يعجل بالقضاء على ما تبقى من وجود فلسطيني وعربي في مدينة القدس المحتلة، معتبرًا أنها من أخطر المشاريع الاستيطانية التي مرت على القدس.
وذكر في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن تلك الأنفاق ستساهم في زيادة عدد المستوطنين اليهود الذين يقتحمون باحات الأقصى ويستولون على منازل الفلسطينيين في القدس القديمة، حيث ستزيد من فرص وصولهم إلى القدس عبر تلك الأنفاق نظرًا لتوفر سبل الراحة والسرعة في الوصول.
وأشار خاطر إلى أن ما يحدث في القدس يدلل على حجم الجريمة النكراء التي يقوم بها الاحتلال بحق المدينة من تغيير معالمها الدينية والتاريخية، محذرًا من أن الوجود اليهودي يزداد يومًا بعد يوم على حساب السكان المقدسيين.
ولفت خاطر إلى أن مخطط "القدس 2020" من الجانب الديمغرافي يحتل جزءًا كبيرًا من الصراع مع الفلسطينيين، حيث تسعى سلطات الاحتلال لمواجهة التفوق الديمغرافي الفلسطيني من خلال تسهيل وصول المستوطنين للقدس وتقديم التسهيلات لهم لكي يستوطنوها.
وحذر من أن سلطات الاحتلال تسعى لتعزيز القدس كعاصمة لدولة الاحتلال من خلال ربطها بمدن فلسطين المحتلة، ونقل المراكز السيادية والمؤسسات المهمة والحساسة إلى قلب مدينة القدس المحتلة.
وأكد أن المعركة بين المقدسيين والاحتلال غير متكافئة، إذ إن المقدسيين لا يمتلكون أوراق قوة مادية تعينهم على الاستمرار في هذه المعركة غير المتكافئة وحدهم، داعيًا إلى تعزيز صمود المواطنين المقدسيين وإسناد دورهم ورباطهم في الأرض المقدسة.