كالعادة، حين يغادر الرئيس الأمريكي منصبه يكون أكثر اعتدالا، وأكثر تفهما للقضية الفلسطينية، وأكثر صراحة، ولقد رصدت جانبا من هذه المعاني في كلمة أوباما في المؤتمر الصحفي مؤخرا، ومما جاء فيه مما يهمنا فلسطينيًا، قوله:
١- إن الوضع الراهن غير قابل للاستدامة فيما يتعلق بحل النزاع (الإسرائيلي) الفلسطيني.
وهذا قول صحيح، لا استدامة للوضع الراهن، وبقاء الحال على ما هو عليه محال، ولن يرضى الفلسطينيون عن هذه الحال التي تضيع فيها أرضهم، وتتلاشى من أمامهم الحلول بما فيها حل الدولة الفلسطينية ذات السيادة.
٢- ويقول أوباما: إن "الوضع الراهن يشكل خطرا على (إسرائيل)، وهو سيئ بالنسبة للفلسطينيين، وللأمن الوطني الامريكي" .
وهذا القول صحيح في الرؤية الأميركية، وقد سبقت أن حذرت منه هيلاري كلينتون بقولها أمام منظمة إيباك الصهيونية: إن فشل حلّ الدولتين خطر على ( إسرائيل) من جوانب منها: الديمغرافيا، وتقنية الصواريخ الحديثة المنتشرة في المنطقة، ونمو التشدد. وهذا هو أوباما يعيد ما قالته هيلاري قبل أربع سنوات. ولا أريد مناقشة فكرة الخطر على دولة العدو هنا، ولكن من الملفت للنظر أن يقول أوباما وقد انتهى حكمه إن (الوضع سيئ بالنسبة للفلسطينيين)، وهذا صحيح، ولكن ماذا كنت تفعل يا سيد أوباما في السنوات الثمانية التي خلت؟! إنك لم تصلح من هذا الوضع السيئ للفلسطينيين شيئا وعشت أسيرا لنتنياهو والصهيونية.
٣- ثم قال: لا أرى حلا للقضية الفلسطينية الإسرائيلية من خلال (إسرائيل يهودية وديمقراطية في آن واحد). فإن لم يكن هناك دولتان فالوضع الحالي سيقود الى دولة واحدة لكن هذا الوضع سيترك أناسا في الصف الثاني وغير مواطنين"؟!
الفلسطينيون يا سيد منذ عام ١٩٤٨م وحتى تاريخه هم درجة ثانية وثالثة ولم يحصلوا على المساواة، وهذا سيزداد سوءا مع بقاء الاحتلال للقدس والضفة الغربية، وجلّ المحللين يقولون: إن فشل حلّ الدولتين، سيعني حلّ الدولة الديمقراطية الواحدة، وهو حل لا تؤمن به القيادات الإسرائيلية البتة، ومن ثمة لا يمكن فعلا الجمع بين ( يهودية الدولة- والديمقراطية لكل المواطنين والسكان).
٤- وفي ختام المؤتمر الصحفي الوداعي دافع أوباما عن موقف إدارته من الاستيطان، والامتناع عن التصويت في مجلس الأمن، بقوله: "أما فيما يتعلق بالقرار الذي اتخذ في مجلس الأمن حول الاستيطان فإن الهدف من اتخاذ القرار هو إرسال إشارة للأطراف بأن ما يحصل على الأرض يشكل خطورة على حل الدولتين, لأن الاستيطان ينهي حل الدولتين وتصبح دولة واحدة فيها ملايين الفلسطينيين من دون حق المواطنة؟!".
أوباما يقول كلاما معقولا ومنطقيا في وقت متأخر مع خروجه من البيت الأبيض، وهو في هذا كغيره من رؤساء أميركا والغرب حين يخرجون من المسئولية، ولهذا السبب وغيره طالت المفاوضات لعشرين سنة عجفاء.