وضعت نصب عينيها مقولة نيلسون مانديلا "إذا تحدثت مع شخص بلغة يفهمها فإنك ستصل إلى عقله، ولكن إذا تحدثت معه بلغة هي لغته الأم فإنك ستصل إلى قلبه"، وهو أمر عظيم بحق.
مقولة اتخذتها دافعًا لتعلم المزيد والتطوير من اللغات التي تعرفها بشكل يومي، فموضوع تعلم اللغات وقدرة الإنسان على إتقانها هبة من الله، لذلك على الإنسان أن يدرك كيف يستثمرها ليعيش حياة مفعمة بالعمل والإنجازات.
وهذا ما فعلته.. فوجدت الموهبة، وعرفت كيف تستثمرها وتطورها لخدمة نفسها ومجتمعها، لإيصال أفكار جميلة عن الشباب الفلسطيني بعدة لغات، سواء أكان ذلك عبر فيديوهات تنشرها على اليوتيوب، أو في رحلة سفر إلى بلاد مختلفة.
آية عباسي، فتاة فلسطينية مقدسية، تتقن الحديث بست لغات، وتعلّم اللغات عبر اليوتيوب ولديها عشرات آلاف المتابعين، تعشق الفن بكل ألوانه، والتصوير، وصناعة الأفلام، واللغات، والرسم، والتصميم المنزلي، وهندسة الحدائق، والكتابة، والشعر.
كما أنها لا تحب الألقاب، "أؤمن أن أسماءنا هي ألقابنا، ولكن إذا وجب التعريف عن نفسي والمهنة التي أمارسها، فأنا مصورة، ومدونة وصانعة أفلام حرة"، وفق حديثها.
وقالت: "أرى أنَّ مشاركة المعرفة أمر حتمي وواجب إنساني، لذا أشارك ما أتعلمه في شتى المجالات على منصة اليوتيوب، عبر قناة خاصة متخصصة في فنّ الايديوتيمنت، والذي يشارك أنواعالمعرفة المختلفة، بأسلوب مسلٍّ وممتع".
فنّ التصوير وصناعة الأفلام هو عشقها الأول، وتسعى دائمًا لتطوير ذاتها في هذا المجال، كما أن الرياضة تستحوذ على جزء كبير من حياتها، فتمارس رياضة الفروسية منذ 12 عامًا، إضافة إلى كرة المضرب التي تحتل منزلة خاصة لديها، أما عن تعلم اللغات فهي شغفها الحقيقي، تتشارك به مع أخواتها الأربع، فجميعهن يتقنّ عدة لغات.
في بداية تعلمها للغة كانت طفلة، ولم تكن تضع لنفسها هدفًا، ولكن فيما بعد تطورت الهبة إلى رغبة وازدادت وتطورت مع الخبرة، وفي أثناء ذلك كان لدعم والديها أثر كبير، فأصبح الهدف واضحًا وهو رسم صورة قوية عن نفسها ومجتمعها وشعبها.
وأضافت عباسي أن تعلم اللغات أصبح هدفًا، "فتعلم أكثر من لغة فأنت تساوي عدة أشخاص في جسد واحد"، كما أن تعلم اللغات حتميًا، يسهل عليك أمور عدة في الحياة اليومية، العملية، التعليمية وفي السفر وغيرها الكثير.
وتابعت حديثها: "بدأت رحلتي مع اللغات برفقة شقيقتي الكبرى آلاء التي شاركتني في عدة تجارب في حياتي، ورحلة تعلم اللغات لم تكن أقل تميزًا عن أي رحلة أخرى تشاركناها معًا".
ولفتت إلى أن البداية كانت في عام 2003م، وطورتا لغتهما الإنجليزية عبر متابعة الأفلام بكثرة، وتدوين الملاحظات العديدة في أثناء مشاهدة الأفلام، مع الحرص على نطق الكلمات كما ينطقها أهل اللغة الأصليون، مضيفة: "وفعلًا كان ذلك، فأصبحنا نتقنها باللهجتين الأمريكية والبريطانية".
إضافة إلى ذلك كان والدها حريصًا دائمًا على أن يبتاع لهم عددًا من الكتب باللغتين العربية والإنجليزية ولاحقًا الفرنسية.
بعد الإنجليزية، تلاها شغف لمشاهدة الأفلام الهندية، والتي كان القليل منها مترجم للعربية، فهنا كانت الحاجة لتعلم اللغة الهندية ليتمكنا من متابعة أي فيلم هندي حتى لو لم يكن مترجمًا، وفي مدة لا تزيد على 9 أشهر أدركتا أنهما على معرفة ممتازة باللغة.
وأشارت عباسي إلى أن تعلم اللغات أثر إيجابيًّا على شخصيتها، فمن خلال تعلمها لعدة لغات، أصبح بإمكانها السفر والسياحة إلى أي بلد دون الحاجة لوجود شخص يرافقها الرحلة، وتلاشى العائق الأساسي للتعرف على ثقافات أخرى، كما أن ثقافتها العامة ازدادت، وكان لذلك أثر في تنمية وتقوية شخصيتها، واختلاطها في شتى المجالات العملية وهكذا.
واستكملت: "إضافة إلى ذلك وهو الأمر الذي قد لا يتبادر للذهن عند البعض، وهو موضوع اللغة الأم ألا وهي العربية، فتعلمي لعدة لغات جعلني حريصة دائمًا على تطوير لغتي الأم فهي الأحق بذلك، وهو ما حرص والدي على حفره بنفسي من خلال الشعر والنصوص الأدبية".
وبينت عباسي أن تخصصها الجامعي ليس لها علاقة من قريب أو بعيد باللغات، فهي تحمل شهادة في صناعة الأفلام والإلكترونيات الفنية، وأخرى فرعية في القانون الدولي.
فاللغات شغفها الحقيقي، وتطورها باستمرار، ولأنه أمر يمكنها تطويره بنفسها، حرصت أن تكون شهادتها وتخصصها في مجال آخر قد يكون من الصعب أن تطوره بمفردها، "حتى أنني الآن على أبواب دراسة جديدة لدرجة علمية ثانية، فإن تخصصي سيكون في موضوع لا علاقة له في كلتا الناحيتين سواء صناعة الأفلام أو اللغات، وأؤمن أنني خلقت لأكون معرفة، أستفيد وأفيد، لا أضع نفسي في قالب واحد، لذا فأنا لست حتمية في شيء، شغفي للحياة والعلم والمعرفة واسع النطاق لا حدود له"، وفق قولها.
تسعى عباسي لتعلم لغات جديدة، فرحلة التعلم هي رحلة دائمة لا تتوقف عند حد ما، وتستمر بقدر طاقة صاحبها على الاستمرار، وحاليًا تطرق أبواب تعلم اللغة العبرية والإيطالية، وتطور اللغة الفرنسية التي تمتلكها لتوازي إتقانها للغات الأخرى، وهي العربية، والإنجليزية، والهندية، والأوردية، والبنجابية، والتركية.
والجميل في الأمر أن ما تعلمته هو تعليم ذاتي بحت، عن طريق الأفلام، ونشرات الأخبار، وهو ما أصبح سهلاً لأي شخص الآن مع وجود الإنترنت والهواتف الذكية.