لم يكن بروز وحدة إشعال الإطارات المطاطية (الكوشوك) في الأيام الأولى لانطلاق فعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار على طول الأراضي الشرقية لقطاع غزة، إلا بمثابة النواة الأولى لوحدات سلمية أخرى ولدت من رحم المسيرة الشعبية التي تقترب من إتمام نصف عام من عمرها.
وانطلقت المسيرة في الثلاثين من آذار/مارس الماضي تزامنا مع إحياء الفلسطينيين الذكرى الـ 42 ليوم الأرض، بعدما نصبت الهيئة الوطنية العليا مخيمات العودة، على مسافة تتراوح ما بين سبعمائة وخمسمائة متر من السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 1948 في خمس نقاط رئيسة.
وأنشأ الشبان في مخيمات العودة عددًا من الوحدات الميدانية التي تشرف على آليات مواجهة "العنف الإسرائيلي" تجاه السلمية الفلسطينية، كوحدة "الكوشوك" الساعية للتشويش على قناصة الاحتلال وحجب الرؤية عنهم قدر المستطاع، وحدة "قص السلك"، وحدة "مكافحة قنابل الغاز".
ونجح الشبان كذلك بتحويل الطائرات الورقية إلى أداة مقاومة شعبية تستنفر الاحتلال بعد ربط عبوة معدنية داخلها قطعة قماش مغمّسة بمادة قابلة للاشتعال في ذيل الطائرة الورقية أو البالون، ثم إشعالها بالنار وتوجيهها بالخيوط إلى أراض زراعية قريبة من مواقع عسكرية إسرائيلية, الأمر الذي يتسبب في اشتعال الحرائق في تلك المناطق.
وأخيرا، ابتكر نشطاء مسيرات العودة وكسر الحصار "وحدة الإرباك الليلي" التي تعمد إلى تنفيذ أعمال إرباك وإزعاج لجنود الاحتلال المتمركزين في ثكناتهم العسكرية على طول السياج الفاصل، كأحد أساليب النضال الشعبي السلمي في مقاومة الاحتلال ومحاولة استنزاف طاقته طوال الوقت.
الشاب (محمد. د) الذي ينشط في مخيم العودة المقام قرب موقع أبو صفية العسكري شرق جباليا، عد ظهور عدة وحدات شبابية في خضم أحداث مسيرة العودة، نتيجة طبيعية لتعمد الاحتلال استهداف القوة ضد المتظاهرين السلميين العزل.
وقال محمد لصحيفة "فلسطين" "كان لا بد من تأسيس وحدة الكوشوك للتشويش على قناصي الاحتلال في بداية المسيرة، وكذلك سعت باقي الوحدات إلى إزعاج الاحتلال وتوفير الحماية للمتظاهرين قدر الإمكان، حتى ظهر حديثا وحدة الإرباك الليلي وسبقها إنشاء مخيمي العودة قبالة قاعدة (زيكيم) البحرية وحاجز بيت حانون".
وبفعل أنشطة وحدة "الإرباك الليلي" بات جيش الاحتلال لا يهنأ نهارا أو ليلا، فما أن يسود الظلام المناطق الشرقية للقطاع، حتى يشرع شباب وحدة الإرباك في إشعال الإطارات المطاطية وإطلاق صفارات الإنذار عبر مكبرات الصوت نحو التجمعات الاستيطانية القريبة من السياج الفاصل، وسط محاولات لقص السياج ورشق الحجارة على الجنود من مسافة قريبة.
أما الشاب (أحمد. ر) فأكد أن نشطاء مسيرات العودة السلمية سيواصلون ابتكار أساليب مقاومة شعبية بهدف الضغط على الاحتلال الإسرائيلي حتى رفع الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 12 سنة، مبينا أن وحدة "الإرباك الليلي" حققت أهدافها منذ الأيام الأولى لانطلاقها.
وذكر أحمد لصحيفة "فلسطين" أن هدف الوحدة التي تستخدم في أنشطتها وسائل وأدوات بسيطة، إبقاء جنود الاحتلال في حالة استنفار دائم على طول السياج سواء في ساعات النهار أو الليل بعد تحويله إلى نهار بفعل إشعال الإطارات المطاطية والقنابل الضوئية التي تسبب إزعاجا وإرباكا لجنود الاحتلال.
وتصدى جيش الاحتلال بالحديد والنار للمشاركين العزل في فعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار، حيث تعمد جنود الاحتلال والقناصة المنتشرون خلف التلال الرملية استخدام الرصاص الحي والمطاطي والمتفجر فضلا عن قنابل الغاز، مما أسفر عن استشهاد ما يزيد عن 178 مواطنا وإصابة الآلاف من بينهم أطفال ونساء وصحفيون ومسعفون.
وخلال فعاليات المسيرة سيرت هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار رحلتين بحريتين من ميناء غزة، باتجاه ميناء ليماسول في قبرص سعيًا لكسر الحصار البحري، إلا أن الاحتلال اعتدى على المشاركين من الحالات الإنسانية في كلتا الرحلتين واعتقلهم في ميناء "أسدود" البحري، قبل أن يفرج عن بعضهم لاحقا.

