اتفق محللان في الشأن السياسي الفلسطيني على أن الاحتلال الإسرائيلي أنهى اتفاق أوسلو بجانبه السياسي من طرف واحد، فيما أبقى على التنسيق الأمني مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، مؤكدين أن قناعات رئيس السلطة لن تتغير تجاه "التعاون الأمني" مع الاحتلال الذي وصفه بـ "المقدس".
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الإدارة الأميركية قررت الجمعة الماضية، تقليص 10 ملايين دولار كانت معدة لدعم منظمات تدعم "التعايش" بين اليهود وفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48، وبهذا لم يتبق من ميزانيات المساعدات الأميركية للسلطة الفلسطينية سوى المساعدات الأمنية.
وقال الكاتب والمحلل السياسي سعادة ارشيد من رام الله: "(إسرائيل) أنهت اتفاق أوسلو بالمعنى السياسي، فالواقع على الأرض لن يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة – كما توهم موقعو الاتفاق".
وأوضح ارشيد لصحيفة "فلسطين"، أن ما يهم (إسرائيل) من اتفاق أوسلو هو تنفيذ الاشتراطات الأمنية التي تطورت وأخذت أبعادًا جديدة بعد مجيء حكومة سلام فياض عام 2007.
ويرى ارشيد أن قناعة السلطة الفلسطينية ورئيسها عباس بقدسية التنسيق الأمني -كما صرح خلال لقائه بوفد شبابي إسرائيلي باجتماعات دورية مع رئيس الشاباك واتفاق أمن السلطة معه بنسبة 99%- لن تتغير.
وأشار إلى أنه لا يرى مبررا لاستمرار أوسلو من أساسه ولا حتى عمل السلطة به باقتصاره على الجانب الأمني.
وأكد ارشيد وجوب تفعيل المؤسسة التشريعية الفلسطينية ومساءلة السلطة حول عدم تنفيذ قرارات مجلسي الوطني والمركزي بوقف التنسيق الأمني، عادًا الإعلان المتكرر عن وقف التنسيق الأمني دون تنفيذ كما اعترف أمين سر اللجنة التنفيذية صائب عريقات في حديثه لصحيفة معاريف أمس "إنما لذر الرماد في العيون".
وأشار إلى وجود قرارات للوطني، والمركزي، لم تنفذ منذ أيام الرئيس الراحل ياسر عرفات.
مصير السلطة بالتنسيق
من جانبه يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية د.عثمان عثمان من نابلس، أن السلطة الفلسطينية تتمسك بالتنسيق الأمني لارتباطه بمصيرها ومستقبلها، مستدلا بتصريحات وزير الجيش في حكومة الاحتلال أفيغدور ليبرمان التي قال فيها: "لا وجود لأبي مازن ساعة واحدة في حال أنهى التنسيق الأمني الذي فيه مصلحة السلطة".
وقال: "اتفاق أوسلو ليس اتفاقا سياسيا يفضي إلى دولة مستقلة بل هو اتفاق أمني بالدرجة الأولى تستغله (إسرائيل) للمحافظة على وجودها في الضفة الغربية واستمرار الاستيطان"، لافتا إلى أن أوسلو لم يتضمن ما ينص على أن الاستيطان غير شرعي أو يجب تجميده.
وأكد عثمان لصحيفة "فلسطين" أن السلطة الفلسطينية غير معنية بأي تحوّل داخل المجتمع الفلسطيني يتناقض مع مفهوم أوسلو للتسوية والمفاوضات "لأن وجود أي ثقافة أخرى تكون مناوئة لثقافة المفاوضات ستكون قطعا على حساب مصالح السلطة وشخصياتها الموجودة في المؤسسات الأمنية".
واستدرك عثمان: "من الملاحظ أن أمريكا قطعت المساعدات المالية المخصصة للمستشفيات والصحة واللاجئين والأونروا وكل المساعدات الأخرى عدا المتعلقة بالجانب الأمني، لأنها تخدم (إسرائيل) بالدرجة الأولى".
ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن السلطة غير قادرة على الانفكاك من التنسيق الأمني، معتقدا أنها في حال قررت ذلك فسيقود إلى اتفاق فصائلي يخدم الجميع على أرضية وطنية جديدة مناوئة لأوسلو.
وأضاف: "السلطة لا تريد مراجعة حساباتها وإنهاء الاتفاق، حتى دون الإعلان من خلال التوافق مع الفصائل على أرضية أخرى تخالف المنهج الذي أرساه الاتفاق طيلة 25 عامًا دون جدوى وطنية، أو تُرجع الأمر إلى الشعب وتستفتيه حول الاعتراف بـ(إسرائيل) وتقول للعالم أجمع إن الفلسطينيين لا يعترفون شعبيا بوجودها".
وإزاء قدرة المنظمة على ذلك، وصف عثمان منظمة التحرير بـ"منظمة الرجل الواحد، فلا توجد منظمة ولا سلطة ولا مؤسسات إنما يوجد رجل واحد هو الذي يقرر وآخرون حوله يبررون له ما يريده في أي حال من الأحوال".