قائمة الموقع

​عفانة تَعلَّق بابن عمه الشهيد فلحق به

2018-09-16T08:42:56+03:00
تصوير / رمضان الأغا

بجانب ثلاجة الموتى، هناك حيث رائحة الشهداء المُعطرة بالمسك، كان يقف متسمّراً لا يستطيع الحركة، وهو يلقي نظرة الوداع على نجله، ينظر إلى كل العيون من حوله، يقول هذا ابني وفلذة كبدي، هذا سندي في الحياة قد فارقته، ولن أستطيع احتضانه مرة أخرى، لن أجلس معه، لن أقبل رأسه، ولن أوبخه على طيبته الزائدة مرة أخرى، هذا ابني الذي لم يكن ذنبه في الحياة سوى أنه شارك في مسيرات سلمية.

"فلسطين" على عجالة حاورت رمزي عفانة والد الشهيد هاني عفانة (21 عامًا)، الذي استشهد أول من أمس الجمعة في الرابع عشر من سبتمبر / أيلول الجاري إثر مشاركته السلمية في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، التي انطلقت في الثلاثين من مارس / آذار الماضي، في ذكرى يوم الأرض.

الوداع الأخير

كان هذا الصباح بائساً كأوراق الخريف المتساقطة، صباح الوداع الأخير، والقبلة الأخيرة على جبين ذلك الشهيد، هذا اليوم لا مجال فيه للعتاب ولا للأمنيات المعلقة، هو فقط للوداع في قلوب الأحبة، وداع أخير ليس بعده شيء، سوى قلوب فارغة تدعو الله أن يُسكن قلبها ويلهمها الصبر على هذا الفراق.

والشهيد هاني عفانة لطالما عرف بين أصدقائه وإخوته ووالده بأنه طيب القلب، حنون جداً، أخلاقه عالية، إنسان بمعنى الكلمة، قلبه صافٍ، لا يحقد على أحد.

يقول والده الذي كان يقف بجانب جثة ابنه يلقي عليه نظرة الوداع الأخيرة في المستشفى: "بعد استشهاد ابن عمه جمال قبل أشهر، قرر أن يشارك في مسيرات العودة".

ويضيف: "في كل جمعة كان يقول لنا إنه سيستشهد، ورغم أنني في كل مرة كنت أطلب منه عدم الذهاب، إلا أنه كان يذهب".

ويتابع قوله وهو يتذكر آخر أيام قضاها مع نجله: "كان هاني متعلقًا جدًا بابن عمه جمال، وبعد شهادته أصبح يتمنى الشهادة هو الآخر، وكلما خرج من المنزل قال سامحوني ربما لن أعود مرة أخرى".

وأضاف: "لشدة تعلقه بابن عمه أوصانا قبل استشهاده بأن يدفن بجانبه كي يبقى معه، واليوم حقق أمنيته بالشهادة كما تمنى".

يشار إلى أن الشهيد جمال عفانة ابن عم الشهيد هاني عفانة استشهد يوم الأحد في الثالث عشر من مايو / أيار الماضي، متأثرًا بإصابته في جمعة النذير ضمن مشاركته السلمية في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار.

مسيرات العودة

رغم المحاولات الكثيرة التي كان يقوم بها أهل هاني من أجل ثنيه عن المشاركة في مسيرات العودة؛ خوفاً من فقدانه فإن عزيمته على المشاركة وإصراره كانا يزيدان يوماً بعد يوم، كأنه يشعر بأنه سيلتقط أنفاسه الأخيرة هناك كما وعد أهله.

ويقول والده: "لا أدري ما السبب الذي جعل قوات الاحتلال تستهدف ابني بهذا الشكل، ما الخطر الذي كان يشكله على جيش الاحتلال الإسرائيلي، كان يقف كغيره من الشباب لا يمسك في يده مدفعاً ولا سلاحاً، كان شابًا أعزل، لا يملك من القوة شيئا".

ويشير عفانة إلى أن ابنه كان متميزًا جداً في كل شيء، في تعامله مع غيره، وفي معاونته لعائلته، وحتى مع أصدقائه.

حصار غزة

ويضيف: "هاني ولد في عام 1997 أي أنه بلغ من العمر 21 عام فقط، وهو كغيره من الشباب في غزة الذين أحبطهم حصار الاحتلال الإسرائيلي، وقلة فرص العمل، فكان بائسًا جدًا من الوضع الذي يعيشه ومحطمًا نفسيًّا، كان يرى بأنه لا مستقبل له، وهذا ما دفعه أكثر للتعلق بالشهادة".

ويتابع قوله: "أصبحت أرى في عينيه يومًا بعد يوم تعلقه بالشهادة وبمسيرات العودة، هاني كان الوحيد الذي أسأل عنه وأفتقده عندما يغيب، كان مطيعًا جداً، ومؤدبًا، وأخلاقه عالية، وحتى معاملته مع الناس كانت مختلفة تماماً عن غيره".

ويختم بقوله: "هاني كان حريصًا جداً على إرضاء والدته، فكان القلب الطيب الحنون عليها، يحاول إسعادها، وتقديم يد العون لها في كل شيء.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في آخر إحصائية صدرت عنها، عن إجمالي اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المشاركين في مسيرات العودة وكسر الحصار في جمعتها الخامسة والعشرين شرق قطاع غزة، حيث استشهد ثلاثة مواطنين منهم طفل، وأصيب 248 مواطنًا (من الإصابات 6 حالات خطيرة و 18 طفلا ومسعفان)، وحوّلت 120 إصابة من النقاط الطبية للمستشفيات منها 80 إصابة بالرصاص الحي.

اخبار ذات صلة