قائمة الموقع

حينما تصبح المطلقة ضحية لظلم الأهل والمجتمع!!

2018-09-13T07:09:36+03:00

عشر سنوات ولم تجف دمعة "ربا"، قبل النوم تبكي بحرقة حتى تبلل وسادتها، مشفقة على حالها من الظلم الذي وقع عليها مرتين وما زالت تتجرع علقمه حتى اليوم، فقط لأنها مطلقة تقرير مصيرها ليس بيدها، بل بيد أهلها تارة ويد مجتمعها تارة أخرى.

طلقت "ربا" رغمًا عنها بعد ظلم وقع عليها من حماتها، مع الحب الكبير الذي كان يجمعها بزوجها وجعلها تعيش على ذكراه حتى اليوم، رغم طرح أهلها الإجباري فور انتهاء أشهر عدتها ونصائح من حولها أن ابن خالها "لقطة" وفرصة لن تتكرر.

منبوذة

"المطلقة" تصبح عنصرًا منبوذًا في المجتمع، فلم يكفهم الظلم الذي وقع عليها في حياتها الزوجية، فيمعنوا في أذيتها، خطواتها محسوبة لدى أهلها لأنها أصبحت "عارًا" عليهم، أما المجتمع فيخشى التعامل معها ويعدها سببًا من أسباب الطلاق.

اختصاصي الصحة النفسية إسماعيل أبو ركاب قال: "تختلف تلك الظاهرة من مكان إلى آخر حسب العادات والتقاليد والثقافة السائدة، ففي مجتمعنا كبعض المجتمعات العربية يتعاملون مع المطلقة أنها صاحبة جرم، وأنها سبب من أسباب الطلاق".

وأضاف أبو ركاب لـ"فلسطين": "هذه الأفكار والمشاعر تنعكس انعكاسًا مباشرًا على التعامل معها، ولسوء الوضع الاقتصادي في مجتمعنا الفلسطيني يعد بعضٌ المطلقة عبئًا إضافيًّا، فضلًا عن المعاملة السيئة كمذنبة (...) هذا لا ينفي وجود عائلات تراعي المطلقة وتعاملها باحترام".

وبين أن الفكر الفردي جزء من فكر المجتمع، لذلك الفكر السائد في المجتمع فكر مغلوط فيه يتحدث عن المطلقة كمذنبة يجب عليها أن تخضع لجميع الشروط التي تطرح عليها، ويعدها ضعاف النفوس لقمة سائغة لهم.

الطرف الأضعف

وعن سبب إمعان المجتمع في ظلم المطلقة أجاب أبو ركاب: "لأننا نتعامل مع أغلب القضايا على وفق أهوائنا الشخصية، ولأنه -يا للأسف الشديد!- لم تلق هذه القضية الاهتمام الكافي من المسؤولين في المؤسسات الرسمية أو الأهلية لتغيير تلك الثقافة".

وتابع: "والأدهى أننا نجد أن الإعلام ما زال يمثل المطلقة سببًا من أسباب الطلاق، بل يزيد على ذلك في تصويره المطلقة أنها الطرف الأضعف الذي يسهل استدراجه واستغلاله".

ونبه اختصاصي الصحة النفسية إلى أن الطلاق مشكلة كبيرة الأبعاد على الزوجين، والتفكير فيه من أصعب القرارات على الإطلاق، مع أن بعضًا يستسهل الأمر، فيجد ممن يعانون نقصًا في شخصياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية مُعينًا على اتخاذ هذا القرار.

وأشار إلى أن بعض النساء لعلمها المسبق بكيفية التعامل السيئ لأسرتها؛ تفضل العيش في عذاب بجوار أبنائها على الانفصال والعودة إلى الأجواء الأسرية الظالمة.

ولفت أبو ركاب إلى أنه يوجد الكثير داخل المجتمع يؤيدون استمرار عيش المرأة داخل منزلها ومع زوجها رغم الإهانة والذل، خوفًا من ضياع الأبناء أو خوفًا من كلمة مطلقة، فتجد الأغلب ينصحون المرأة بالصبر، لعل الوضع يتغير يومًا من الأيام.

حق لها

وأكد أن حق تقرير المصير هو حق كفلته جميع الديانات، والزوجة التي تتوافر لديها جميع أو بعض سبل الحياة الكريمة لا تفكر مجرد التفكير في الطلاق، قائلًا: "لذلك على الأهل أولًا تقبل ابنتهم المطلقة، والوقوف بجانبها وإشعارها بأنه ما زال هناك أمل في الاستمرار في الحياة، وأن الانفصال ليس نهاية العالم، بل ربما يكون بداية طريق جديد وحياة أفضل".

ودعا أبو ركاب السيدة التي طلقت لأي سبب من الأسباب -إن لم تجد من يؤازرها ويقف بجانبها- أن تؤازر هي نفسها، وتقنع نفسها أن في صراع حياة ولابد أن تتخطى جميع العقبات التي تواجهها، وبناء عليه عليها أن تتعامل مع كل مشكلة على حدة، وأن تستغل دعم بعض لها في مواجهة أحد أفراد أسرتها ممن أساؤوا إليها.

ونصح المطلقة بعدم الانطواء والانزواء والخوف من نظرة المجتمع، لأنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.

اخبار ذات صلة