حين طردت قوات الاحتلال الصهيوني الفلسطينيين من أرضهم، وهجرتهم إلى الضفة وغزة، والدول العربية المختلفة في عام 1948م، كان الفكر الصهيوني يعمل دوما على توطين اللاجئين في بلاد اللجوء، وتسهيل حصولهم على جنسية الدول التي يقيمون فيها، وقد نجحوا بشكل جيد في البلاد الأوروبية، ولكنهم لم ينجحوا بشكل كبير في البلاد العربية، وخاصة في الأردن، وسوريا، ولبنان، والعراق، ومصر.
اليوم، في العام 2018م، وفي ظل حكومة ترامب في البيت الأبيض، ترى (إسرائيل) أن الفرصة جد مواتية لاستكمال التوطين، من خلال عملية كبرى، تستغرق الأردن، ولبنان، وسوريا، والعراق، من خلال الولايات المتحدة الأميركية، التي تملك أدوات الضغط اللازمة لإجبار هذه الدول على القبول بفكرة التوطين.
جلّ المصادر تقول: إن إدارة ترامب مقتنعة بفكرة التوطين، ومن ثم جعلته جزءا من صفقة القرن، التي أخذت الإدارة الأميركية في تنفيذها بدون مفاوضات، حيث ضمت القدس (لإسرائيل)، وأخذت القرارات اللازمة لتصفية ( الأونروا)، وأغلقت مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وها هي تجري اتصالات مع الدول المعنية لتنفيذ عمليات التوطين، وقد تلقت الإدارة الأميركية إشارات إيجابية من بعض الدول، في مقابل الحصول على التأييد، والمال ، والمشاريع.
نحن ، الفلسطينيين، نعيش أخطر مراحل تصفية القضية، وها هي الإجراءات تسير بالتدريج ونحن ننظر إليها، دون أن نقدر على مواجهتها ومنعها، بسبب الديكتاتورية الفلسطينية الفاشلة المناورة على شعبها، وبسبب حالة التمزق العربي، ووضع مصالح البلاد العربية في السلة الأميركية.
لقد خلقت أميركا وإسرائيل أمرا واقعا بضم القدس، وهما يعملان معا بالتعاون مع بعض الأنظمة العربية لخلق واقع التوطين، وتقديمه على أنه خدمة للفلسطينيين، وإقرار حقهم بالإقامة والجنسية، والمؤسف أن السلطة والمنظمة لا تعملان شيئا لمواجهة هذه الإجراءات ووقفها. المال الأميركي، والحماية الأميركية، باتا المقصلة التي تموت تحت شفرتها قضية اللاجئين. التوطين بين أميركا والأنظمة منافع متبادلة على حساب اللاجئين؟!