سنوات أوسلو التي مضت، التي تجاوزت الربع قرن دلت دلالة واضحة على أن هذا الاحتلال النازي الصهيوني لا يقدم الحقوق مجانا، إنما يجب ان تنتزع منه انتزاعا وهو لا يؤمن بالسلام ولا يحترم أية اتفاقات ولا يتعامل مع الضعفاء والمستسلمين الا بمنطق الاستحقار والاقصاء والتجاهل التام.
حصاد اوسلو المر لم نجنِ من ورائه الا الخسارة والمزيد من القهر والتسلط والتنازلات المجانية لصالح الاحتلال الصهيوني وشق الصف الوطني الفلسطيني وتباين المواقف السياسية بين السلطة الفلسطينية والمجموع الوطني الفلسطيني وهو ما انتج حالة ضعف شديدة للسلطة الفلسطينية واوجد البيئة المناسبة للاحتلال لتمرير مؤامراته العدوانية وفق مخططات مدروسة تنم عن ان الاحتلال حقق ما اراد من هذه الاتفاقية دون ان يمنح الفلسطينيين أيًا من حقوقهم. بل ان الاحتلال نجح في تحويل اتفاقية اوسلو من اتفاقية سياسية الى مشروع استثماري يستفيد منه بعض المتنفذين في السلطة الفلسطينية. واصبح مشروع اوسلو يتلخص في صفقات تجارية بين متنفذي السلطة ورجال اعمال صهاينة ويتلخص في بطاقة Vib وحرية التنقل لهؤلاء المتنفذين داخليا وخارجيا. وغابت مصالح الشعب الفلسطيني وديست ثوابته تحت نعال هؤلاء الساسة المتنفذين، وأصبح مشروع اوسلو يقتصر فقط على التنسيق الامني والزج بالمقاومين في السجون واقتحام المدن وتصفية المجاهدين واعتقالهم.
خمسة وعشرون عاما والسلطة تطحن الهواء، والحصاد الذي نجنيه حصاد مر . ففي ظل اوسلو شنت إسرائيل ثلاث حروب مدمرة على قطاع غزة بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية لكن الشعب الفلسطيني حمى مقاومته وتلاحم معها مما افشل اهداف العدوان الصهيوني.
وفي ظل اوسلو فرض الاحتلال الصهيوني حصارا محكما على قطاع غزة منذ اثني عشر عاما وما زلنا نعيشه حتى الآن.
وفي ظل اوسلو ضاعت القدس واعلنتها الادارة الامريكية عاصمة موحدة للكيان الصهيوني.
وفي ظل اوسلو ألغت الادارة الامريكية حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
وفي ظل اوسلو تعالى الحديث عن تبادل اراضٍ ووافقت السلطة، وكونفدرالية مع الاردن ووافقت السلطة، واسقاط حق العودة وتفهمت السلطة.
والسؤال الذي نطرحه الآن: ما الذي تبقى من اوسلو العار؟ والجواب بوضوح وصراحة انه لم يتبقَّ من اوسلو الا التنسيق الامني الذي اعتبره رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مقدسا.
كان من المفترض ان تبدأ مفاوضات الحل النهائي بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني بعد ثلاث سنوات من التوقيع على الاتفاقية التي وقع عليها في 13/9/1993 اي قبل ٢٢ عاما بالتمام والكمال. لكن اسرائيل والسلطة اتفقتا على ان تبقى الحياة مفاوضات الى ما لا نهاية. فالمصالح بينهما تقتضي ذلك وحالة الانسجام الامني بينهما وصلت الى ذروتها، فالسلطة شاركت في اعتقال المقاومين والزج بهم في سجونها وجرمت المقاومة واعتبرتها ارهابا. بل واستدعت ما يسمى بالتحالف العربي لضرب المقاومة في غزة وطالبت بعاصفة حزم ضد حماس. وهى تشترط للموافقة على المصالحة الفلسطينية تجريد الفصائل الفلسطينية من سلاحها وحل الاجهزة العسكرية للفصائل الفلسطينية واغلاق معسكرات التدريب والسيطرة على ما فوق الارض وما تحتها لكي تكمل دورها الوظيفي الذي فرضه مشروع اوسلو في حماية الاحتلال الصهيوني من ضربات المقاومة .
آن الأوان أن تراجع السلطة الفلسطينية سياستها وتعيد النظر في هذه الاتفاقية برمتها وتنحاز الى خيارات شعبها. (إسرائيل) اعلنت في اكثر من مناسبة ان اتفاقية اوسلو انتهت الى غير رجعة ولم تعد قائمة واصبحت خلف ظهرها بعد ان امتصت رحيقها وابقت المرارة لكي يمتصها الفلسطينيون. واليوم أنتجت أوسلو ما تسمى صفقة القرن، التي تقول السلطة إنها ستتصدى لها. فإذا كنتم صادقين فيما تقولون فأسقطوا مشروع أوسلو المشؤوم لأنه نتاج طبيعي لما تسمى صفقة القرن.