لم يكن اندحار الاحتلال الإسرائيلي من مستوطنات قطاع غزة في أيلول/سبتمبر 2005م، إلا نتيجة طبيعية لضربات المقاومة الفلسطينية، وتحديدا في العامين الأخيرين قبل الاندحار, حيث أرهق المستوطنون وجيش الاحتلال الذي كان يقوم بحمايتهم داخل القطاع الساحلي.
في تلك الفترة نجحت المقاومة بتنفيذ سلسلة من العمليات الفدائية التي تنوعت ما بين تفجير المواقع العسكرية بواسطة الأنفاق المفخخة واقتحام الثكنات العسكرية وتنفيذ عمليات قنص فضلا عن العمليات الاستشهادية، ليجبر رئيس وزراء الاحتلال آنذاك ارئيل شارون لاتخاذ قرار الاندحار من غزة، محطما مقولته التي أعلنها في نيسان/ إبريل ٢٠٠٢ بأن "نتساريم كتل أبيب".
ويستعرض التقرير التالي أبرز عمليات المقاومة قبل الاندحار الإسرائيلي، والتي كان أبرزها عملية تفجير حاجز أبو هولي" المشهور بموقع (محفوظة) شمال مدينة خانيونس، جنوبي القطاع بالسابع والعشرين من يونيو/حزيران 2004، مما أدى إلى مقتل سبعة جنود إسرائيليين وإصابة أكثر من 20 جنديا بجروح ما بين متوسطة وخطيرة.
وتبنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس تفجير عبوة تزن أكثر من طن من المتفجرات تحت الموقع، والذي كان يعتبر ثكنة عسكرية حصينة تشرف على حماية مرور المستوطنين والدوريات العسكرية في المنطقة ويستخدم كمهجع لمبيت الجنود، الأمر الذي تسبب بدمار شبه كامل وسقوط عدد من الكتل الاسمنتية على رأس الجنود.
وفي بيان للقسام حول تفاصيل العملية ذكر أن وحدة مكافحة الإرهاب في كتائب القسام قامت بحفر نفق يبلغ طوله 495 متراً من منطقة آمنة إلى أن تم الوصول إلى نقطة تقع أسفل الموقع تماماً وقد بدأ الحفر في الخندق على عمق سبعة أمتار تحت الأرض وانتهى بعمق 80 سم تحت مستوى الموقع العسكري.
وسبق ذلك، عملية تفجير بوابة صلاح الدين "موقع ترميد" في سبتمبر/أيلول 2001 التي أوقعت 5 جنود قتلى وأكثر من 30 جريحاً بعدما فجرت كتائب القسام عمارة مكونة من ثلاثة طوابق يقطنها عدد من جنود الاحتلال من خلال حفر نفق أرضي يصل طوله حوالي 150 مترا.
وفي أواخر عام 2003، تمكنت كتائب القسام من تفجير كمية كبيرة من المواد شديدة الانفجار أسفل موقع "حردون" العسكري في حي يبنا بمدينة رفح جنوبي القطاع، على الحدود المصرية الفلسطينية، ما أدى لتدمير الموقع ومقتل وإصابة من بداخله، ليقر الاحتلال عقبه بفشل الوسائل التكنولوجية في مكافحة الانفاق المفخخة.
ومع بزوغ فجر الثلاثاء السابع من ديسمبر/كانون الأول 2004 كانت المنطقة الشرقية لحي الشجاعية شرق مدينة غزة، مسرحا لعملية نوعية نفذتها كتائب القسام ضد جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الشاباك) أطلق عليها "السهم الثاقب" وأوقعت فيها عدداً من القتلى والجرحى الإسرائيليين، ونفذها المقاومان القسّاميان الاستشهاديّ مؤمن رجب، والاستشهادي أدهم حجيلة.
وعقب ذلك بخمسة أيام، أغارت مجموعة استشهادية مشتركة من القسام وصقور فتح على موقع "جي.في.تي" العسكري القريب من معبر رفح، بما عرف حينها بعملية "براكين الغضب" وقد أدت إلى مقتل 5 جنود من وحدة الدوريات الصحراوية، لتشكل العمليتان ضربة موجعة وطعنة في خاصرة الأمن الإسرائيلي في غضون أسبوع واحد وسبق نوعي في إطار "صراع الأدمغة".
وفي مطلع عام 2005 أعلنت كتائب القسام وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح ولجان المقاومة الشعبية مسؤوليتهم المشتركة عن عملية استشهادية نفذت داخل معبر المنطار "كارني" شرق مدينة غزة وأدت إلى مقتل 7 إسرائيليين وإصابة 5 آخرين وصفت حالة 2 منهم بالخطيرة.
وقبل الاندحار الإسرائيلي عام 2005، تمكنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى من تنفيذ عملية نوعية فوق الجسر الواصل بين مستوطنات غوش قطيف بالقرب من حاجز أبو هولي بدير البلح، وسط القطاع، مما أدى إلى مقتل ستة جنود إسرائيليين من بينهم ضابط بحرية، وخمسة جرحى بينهم عامي شكيد مسؤول أمن تجمع مستوطنات غوش قطيف.