يبدو أن فرص التهدئة بين غزة والاحتلال قد تراجعت . تراجعت فرص التهدئة بغض النظر عمن تسبب بالتراجع. الاحتلال يتهم عباس . والسلطة، ومصر تحكيان أن ( إسرائيل) هي السبب. حماس وغزة لا تبكيان التهدئة ، وتعلمان أن ( إسرائيل) تحتاج إلى التهدئة كما تحتاج إليها غزة، أو أكثر، وتعلم أن ( إسرائيل) هي من تقرر لا محمود عباس.
( إسرائيل) فيما يبدو أنها تتلكأ في إقرار التهدئة لسببين على الأقل: الأول أنها تريد أسراها مع التهدئة. والثاني أنها تريد أن تضغط على حماس وتبتزها، وأن تزيد من النار المشتعلة بين حماس ومحمود عباس. حماس تقرأ البيئة التي تعمل بها قراءة جيدة، وهي تعرف الشخصية اليهودية معرفة كاملة، وتعرف بيئة الوسيط جيدا. وحماس في نظري لا تمانع من حوار متوازٍ في ملفي التهدئة والأسرى، ولكل ملف ثمنه المستقل.
حماس كحركة مقاومة تريد أسراها أيضا، وتريد رفع الحصار، وتحسين حياة سكان غزة، ولكن التهدئة ليست خيارها الوحيد، ولن تبرم تهدئة بأي ثمن، أو تحت التهديد والضغط، بل ثمة عندها خيار العودة إلى تسخين الحدود، وتفعيل المقاومة الشعبية والعسكرية، وتدفيع العدو الثمن. حماس لن تبقى رهينة الحصار تضرب كفا بكف، بل ستتجه لا محالة إلى ضرب العدو، وتوجيه الانفجار الشعبي ضد الاحتلال، وربما تشهد الأسابيع القادمة عمليات اقتحام شعبي لغلاف غزة، وزيادة أعداد البالونات الحارقة، وإرسالها إلى النقب، ووسط الدولة.
لا خيار أمام الاحتلال إلّا القبول بالتهدئة، أو التعايش مع الحرائق والاقتحامات، أو الخروج إلى حرب، وحماس لا تفرّ من الحرب، وهي لا تملك شيئا يمكن أن تخسره، لذا ستقاتل العدو قتالا يتجاوز حرب 2014م، ويمكن أن يكون الفرج في الحرب التي تكرهها غزة، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم. إذا لم تكن إلا الأسنة مركبا فما حيل المضطر إلا ركوبها.
يجدر بحماس أن تحافظ على العمل المشترك مع الفصائل النشطة في غزة، وأن تدرك أن العدو لن يقدم تنازلات لغزة إلا إذا كان مضطرا لتقديمها، ويمكن للعمل الفصائلي المشترك والعمل الشعبي الهادف أن يضغطا العدو، وأن يجبراه على التهدئة ورفع الحصار، أو تخفيفه. إن تراجع العدو عن تهدئة مدفوعة الثمن لن يمنحه تهدئة مجانية البتة. ومن الخطأ الاستمرار بالتهدئة المجانية التي تلت حرب 2014م.