قبل أيام معدودة أقر ما يسمى قاضي المحكمة المركزية في القدس المحتلة، "أرنون درئل" أنه يحق لمستوطني "متسبيه كرميم" شمالي رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، مواصلة العيش في البؤرة الاستيطانية رغم أنهم يسكنون على أرض فلسطينية ذات ملكية خاصة، وذلك لأن الدولة العبرية التي نقلتهم إلى ذلك المكان، فعلت ذلك بـ"حسن نية".
استخدام مبرر "حسن النية" للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، ليس جديدا في السياسة الاستيطانية الإسرائيلية، عندما يفقد الاحتلال الحجج القانونية في مواجهة حجج أصحاب الأراضي من الفلسطينيين.
ففي عام 1967 وبعد احتلال الضفة الغربية وقع جيش الاحتلال على أمر إغلاق منطقة إطلاق النار 906 الواقعة شرقي رام الله.
وعاد الجيش ليوقع بحسن نية على أمر آخر لإغلاق مامساحته نحو 1,070 دونم إضافية لصالح منطقة إطلاق النار.
وفي المنطقة المغلقة وبحسن نية يتم إقامة بؤرة استيطانية تابعة لحركة "الناحال" كوخاف هشاحر.
في نهاية سنوات التسعينيات – أقيمت وبحسن نية البؤرة الاستيطانية متسبيه كرميم جنوب غرب مستوطنة كوخاف هشاحر، على أراض فلسطينية خاصة، وقامت الجهات المعنية بدولة الاحتلال "شعبة الاستيطان" بإعطاء تصاريح للمستوطنين للبناء على تلك الأراضي. وفي عام 2011، قدم الفلسطينيون التماسات عدة إلى المحكمة العليا في الأراضي المحتلة وأكدوا بالمستندات امتلاكهم لهذه الأراضي.
في أعقاب الالتماس أصدرت المحكمة العليا أمرا يمنع استمرار البناء في الموقع.
لكن قاضي ما تسمى المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس المحتلة، درئل وجد الحل إرضاء لليمين والمستوطنات، وأبطل قرار العليا رغم أنها تعد أعلى هيئة قضائية إسرائيلية من خلال مبرر "حسن النية" وادعائه أن المستوطنين استوطنوا في المستوطنة بـ "حسن نية"..
ويقول رئيس دائرة الرصد والتوثيق في مؤسسة الحق المحامي تحسين عليان: إنه من الواضح أن سلطات الاحتلال تعمل كل شيء لخدمة سياساتها الاستيطانية ولشرعنة الاستيطان سواء من قبل الحكومة أو من قبل المحاكم الإسرائيلية، التي هي ذراع قانوني للاحتلال ولشرعنة سياساته.
ويوضح عليان لصحيفة "فلسطين"، أن هذا المبرر القانوني (حسن النية) وكل ما تقوم به سلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو غير قانوني حسب القانوني الدولي وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، لكن قضاة الاحتلال لا يلقون بالا للقانون الدولي.
ويشدد عليان على أن سلطات القضاء في دولة الاحتلال، لا تقيم وزنا للقوانين الدولية ، بدليل أنها باتت تستخدم المحاكم لتشريع الاستيطان.
ويضيف أن حكومة الاحتلال هي الوحيدة في العالم، التي تحرف المعاجم القانونية لتبرير سياساتها وممارساتها ، ففي كل القوانين لا يوجد شيء اسمه "حسن نية" ولا توجد جريمة بـ"حسن نية".
من جانبه، يقول مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية المحتلة غسان دغلس: إن دولة الاحتلال دأبت على إصدار القوانين والتشريعات المجحفة التي تهدف إلى تحقيق المصالح الإسرائيلية والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، آخرها مصطلح"حسن النية" والذي يبرر للمستوطن عند استيلائه على أي أرض امتلاكه لها، بل ويسقط عن الفلسطيني صاحب الأرض كافة الحقوق له في أرضه.
ويضيف دغلس لصحيفة "فلسطين"، أن سلطات الاحتلال ترتكب كل الأخطاء القانونية وهم يحاولون تبرير سياساتهم الاستيطانية وممارساتهم العدوانية والعنصرية على الشعب الفلسطيني ويخترعون القوانين لشرعنة مستوطناتهم ما دام لديهم قضاة يحكمون.
ويشير إلى أن مبرر "حسن النية" وشرعنة مستوطنة "متسبيه كرميم" رغم علمهم أنها مقامة على أراض فلسطينية خاصة يثبت أنهم عصابة لديها مشروع استيطاني صهيوني وهم يستغلون الظروف الحالية والفرصة الذهبية لوجود الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لتطبيقه.
ويرى دغلس أن (إسرائيل) تشرعن بؤرها الاستيطانية تحت بند أنها توسعالمستوطنات، وتقوم بشبكها بالمستوطنات، ويتفننون في إصدار القوانين كـ "حسن النية" الذي لا يوجد له مثيل في العالم.
وختم قوله: إن هذه القرارات والتشريعات اعتداء على حقوق المواطن الفلسطيني في التملك والذي نص عليه ميثاق الأمم المتحدة، إلا أن العالم بأسره يقف مكتوف الأيدي ويغض الطرف عن مثل تلك الممارسات العدائية، ويتناسى حق الفلسطينيين في أرضهم وممتلكاتهم، داعيا إلى وحدة الحال والإرادة الفلسطينية لمواجهة التغول الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.