قائمة الموقع

برد الكرفانات يخطف الرضيع السويركي

2017-01-18T11:52:16+02:00

رتبت الكرفان جيدًا وقامت بطي ملابس صغيرها ونظرت إليه بإعجاب وابتسمت ثم غادرت الكرفان لتعد طعام الإفطار لابنها الأكبر، عادت بعد دقائق معدودة لتجد طفلها قد فارق الحياة، حاولت مرات عدة إيقاظه لتداعبه للمرة الأخيرة قبل توديعه ولكنها وجدت أطرافه باردة تمامًا، حملته بسرعة إلى جدته، لتخبرها أن نبض قلبه توقف.

12 يومًا فقط بعد خروجه إلى النور، قضتها دلال السويركي (23 عامًا) برفقة صغيرها محمد، الطفل الثاني لها، إلى أن فارقته في الثامن من الشهر الجاري نتيجة البرد القاتل.

تقول السويركي لـ"فلسطين": "في الليل حاولت إيقاظ طفلي وأرضعته بشكل طبيعي، وعند الساعة السابعة والنصف صباحًا ذهبت شقيقة زوجي لتلاعبه وجلست معه دقائق ثم غادرت الكرفان وعندما عدت لأوقظه وجدته في حالة غير طبيعية، وبعدها عرفت أنه فارق الحياة".

تعيش السويركي مع زوجها وابنها في كرفان صغير لا تتجاوز مساحته 20 مترًا، ويفتقد لأدنى متطلبات الحياة، فهو بارد جدًا في الشتاء بدرجة لا يمكن تحملها، وفي الصيف يتحول إلى فرن حار لا يستطيع أحد الجلوس فيه، على حد وصفها.

لا بديل

تقضي السويركي يومها كله في البحث عن أخشاب وأوراق لتشعل النيران بجانب الكرفان، لتشعر وصغيرها بالدفء في ظل تفاقم أزمة التيار الكهربائي.

وتوضح: "عندما نقلت ابني للمستشفى، أخبرنا الأطباء أن سبب الوفاة غير معروف، ولكن بعد نقله إلى لطب الشرعي عرفنا أنه قضى بفعل تجمد الأوردة الدموية نتيجة للبرد".

وتعاني السويركي من برد الشتاء وحرارة الصيف منذ هدم منزل العائلة المكون من ثلاثة طوابق في العدوان الأخيرة على غزة، ومنذ أن سكنت في الكرفان لم تحصل على أي مساعدة مالية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" لتتمكن من إعادة إعمار منزلها.

وتبين: "قبل الحرب، كان زوجي ووالده يعملان في الزراعة وتربية الأغنام، ولكن الاحتلال جرّف الأرض، ولم يتبقَ شيء من الأغنام، ولم نحصل على أي مساعدة، وحاليًا ها نحن نعيش ظروفا مادية صعبة للغاية لا يستطيع أحد تحملها.. إلى متى؟".

كل ما تريده السويركي هو أن تتم عملية إعادة الإعمار في أسرع وقت ممكن لتعود هي وعائلتها إلى منزلها بدلًا من الأجواء السيئة التي تُعاني منها داخل الكرفان بشكل يومي.

وتقول: "الكهرباء تسببت بأزمة كبيرة لنا، ونعيش المعاناة يوميًا بعد خروجنا من بيتنا المهدم, أرض فارغة وكرفان غير صالح للعيش تدخل المياه إليه من جميع الجهات في الشتاء، ولا يحمينا من البرد أبدًا، ولولا إشعال النيران خارج المنزل لما كنا شعرنا بالدفء مطلقا".

وتضيف السويركي التي بدت على وجهها علامات التعب بعد الولادة: "أحمل مسؤولية موت ابني للمسؤولين الذين لم يعيدوا بناء منازلنا حتى الآن، إلى متى سنعاني من هذه الأزمة؟ مات صغيري ولا ندري متى سيحرك المعنيون ساكنًا أمام النكبات التي تصيبنا؟".

وما تزال العشرات العائلات في قطاع غزة تعيش في كرفانات غير صالحة للسكن بعد هدم منازلها في الحرب الأخيرة عام 2014.

ومن جانبه، قال مدير عام الطب الشرعي في وزارة العدل حمدي الكحلوت: إن ثماني حالات لا يثبت لها الكشف الظاهري وجود شبهة جنائية، مضيفًا أنه لم يتم تشريح الجثث لعدم وجود أي شبهة بعد موافقة الأهل.

وأوضح أن عدم دراية الأهل بالتعامل مع الأطفال في مثل هذه الظروف البيئية هو أحد أسباب الوفاة، ففي بعض الحالات يكون البرد هو السبب بالفعل.

اخبار ذات صلة