فلسطين أون لاين

​ممارسات أمن السلطة.. زرعٌ أنبت شوكًا يصعب حصاده

...
صورة أرشيفية
نابلس - خاص "فلسطين"

بات لا يخفى على أحد حالة الفوضى والفلتان التي تعيشها الضفة الغربية عمومًا ومخيماتها على وجه الخصوص، فلا يكاد يوم يمر إلا ويكون هناك حدث في أحد المخيمات موجه في أغلب الأحيان إلى أجهزة أمن السلطة التي أصبحت تواجه مصيرا صعبا أوجدته في الماضي وتحصد في هذه الأيام الشوك بدل الثمر، كما يرى الكثير من المتابعين والمحللين.

ولعل ما جرى مؤخراً من أحداث في بلاطة وجنين، شمالي الضفة الغربية، يعزز أقوال وآراء الكثير من المتابعين بأن المخيمات باتت بمثابة براميل يمكن أن تنفجر في أي لحظة، نتيجة حالة الفوضى والفلتان وممارسات أجهزة أمن السلطة وطريقة تعاطيها مع الأحداث.

وشدَّد زاهر الششتري القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على أن ما يجري في المخيمات "عملية تراكمية لكثير من الممارسات والإجراءات لطالما حذرنا من وضع المخيمات وطريقة التعاطي مع الإشكاليات فيها".

وتابع الششتري في تصريح لـ"فلسطين"، "للأسف السلطة خلال سنوات أتاحت الفرصة للتسلح ولم تقم بمحاربة أشكال العربدة، واليوم يتوجه الفلتان والفوضى إليها، وهو ما أثر على الواقع الأمني والمجتمعي في المخيمات والأراضي الفلسطينية".

وتابع "المطلوب الآن هو توفير شبكة اجتماعية للقضاء على حالة الفلتان من خلال تعزيز ثقافة احترام القانون وكرامة المواطن ومنع الاعتداء على الحريات ومحاربة أشكال الفوضى، وتعزيز قيمة القضاء بعيدًا عن الواسطة والمحسوبية، وإنهاء ظاهرة الاعتقال على خلفية سياسية".

والخشية الآن، بحسب الششتري، أن تتحول المخيمات إلى برميل من البارود المتفجر نتيجة حالة الكبت والقهر أولاً ومن ثم نتيجة ضخامة حجم التسلح وتزامنًا مع حالة الفوضى التي تعشعش لدى الكثيرين بوجود ممارسات غير مسؤولة في بعض الأحيان من قِبل السلطة وتعاطيها الخاطئ مع كثير من الإشكاليات.

بدوره، رأى الخبير السياسي الدكتور عبد الستار قاسم أن "السلطة هي من أوجدت حالة الفوضى والاحتقان في المجتمع الفلسطيني عامة وفي المخيمات على وجه التحديد، من خِلال استغلال ظروف سكان تلك المخيمات وجعلهم تبعًا لها ولسياساتها".

وقال قاسم في تصريح لـ"فلسطين"، إن "السلطة ومنظمة التحرير استغلتا ظروف المخيمات من أجل تحصيل دعم شعبي لسياساتهم ابتداءً من اتفاقية (أوسلو) عبر إجراءات جعلتهم كالسوار في المعصم".

وتابع "السلطة أغرت سكان المخيمات وأغرقتهم في الملذات من حيث الوظائف والامتيازات والسيارات والمناصب، وبالتالي أنستهم حق العودة الذي لطالما كان شعارهم جميعًا".

وأردف قاسم "بالتوازي مع ذلك أيضًا، قدمت السلطة أسلوبًا إغرائيًا آخر تمثل بإغراق المخيمات ورجالها من عناصر فتح بالسلاح لاستخدامه لصالحها، وبالفعل تمَّ ذلك إلى فترة معينة، حيث استخدم ضد كل الشرفاء وأنا واحد منهم، حيث تم إطلاق النار عليّ أكثر من مرة من عناصر محسوبة على المخيمات بتوجيه من أجهزة السلطة".

وتابع "فيما بعد تحول هذا السلاح إلى عنصر فتاك في يد هؤلاء المنفلتين الذين انقسموا على أمرهم، فمنهم من بقي في يد السلطة وتحكمها، ومنهم من ثار ضدها بحثًا عن امتيازات جديدة، ومنهم من انشغل في حرب عصابات داخلية وخلافات حادة بينهم في أكثر من مكان وزمان".

وهؤلاء المسلحون وقيادتهم، يريدون أن يكونوا أصحاب قرار وليس فقط أدوات، وهذا ما لم يكن ضمن توقعات السلطة قبل سنوات وبالتالي زادت حدة الخلافات واتسعت الهوة وصولاً إلى الصدامات.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين، أن التوتر الموجود في مخيمات شمال الضفة الغربية، هو استمرار للحالة المتفاقمة بالأعوام الأخيرة.

وتابع عز الدين لـ"فلسطين"، رغم أن عباس حاول تحميل مسؤولية ما يحصل على القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، ورغم تهميشه في مؤتمر حركة فتح السابع، إلا أن التوتر ما زال مستمرًا ولا يبدو أنه سينتهي".

وتابع عز الدين في تصريح لـ"فلسطين"، "السلطة ترتكب نفس الأخطاء التي تؤدي إلى تأجيج الأوضاع الداخلية، وعلى رأسها الاعتقالات في صفوف أبناء المخيمات، بغض النظر إن كانوا مجرمين أو نشطاء سياسيين، لأن ثقة الناس في السلطة منعدمة، وهنالك ثقافة منتشرة وهي أن يأخذ كل شخص حقه بيده، لأن السلطة أثبتت بشكل متكرر أنها ليست أهلًا لثقة المواطن".