انتظروا خطاب محمود عباس التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14/9/2018. عباس ألقى قبل ذلك خطابات أمام الجمعية العامة وصفت في حينه أنها خطابات تاريخية، ولكنها للأسف لم تسفر عن إجراءات عملية لصالح القضية الفلسطينية؟! البلاغة الخطابية لا تصنع السياسة، فقد شهدت القضية الفلسطينية خطباء أفذاذا مثل القائد أحمد الشقيري رحمه الله، ولكن خطاباتهم لم تترجم إلى وقائع سياسية عملية؟!
هب أن عباس سيلقي في سبتمبر الجاري خطابا تاريخيا يضع النقاط على الحروف كما يقولون، فباسم مَن سيلقي خطابه؟! هل سيلقيه باسم فتح مثلا، وقد قاطعت مجلسه الوطني الجبهتان الشعبية والديمقراطية، إضافة إلى حماس والجهاد والمبادرة الوطنية، والألوية، واللجان الشعبية، والأحرار، والصاعقة، وجماعة أحمد جبريل، وعدد من المستقلين؟! أم سيلقيه باسم الضفة دون غزة، وقد أوقع هو على غزة عقوبات لم يوقعها الاحتلال، ويهدد بالمزيد منها، ويكاد لا يجتمع على شرعية رئاسته اثنان من المتضررين من عقوباته؟! أم سيلقيه باسم الموظفين الذين حرمهم من نصف رواتبهم، وأولئك الذين لا يعترف بوظيفتهم، ومنع قطر مؤخرا من صرف راتب لهم بمناسبة عيد الأضحى؟! أم سيلقيه باسم المجلس التشريعي المعطل عن العمل بقرار منه؟ أم باسم المجلس الوطني المعين تعيينًا لا توافق فيه؟! أم باسم الشعب، والبيت الفلسطيني مبعثر وبعضه ينكر تمثيل عباس له، بسبب استبداده وتفرده؟!
لقد دعمت حماس والجهاد تمثيل عباس في دورة أخذ دولة المراقب في الأمم المتحدة، على أمل أن يتصالح عباس مع شعبه، ومع فصائله، ومع الموظفين، ولكنه أعرض عن ذلك ونأى بجانبه، وهو الآن في حاجة إلى ورقة الشرعية والتمثيل، ويبدو من الصعب أن تعطيه الفصائل هذه الورقة، والأصعب من ذلك هو موقف الموظفين المتضررين، وموقف السوق التجاري الغزي المعاقب بإجراءات قاسية تحرمه العمل الكريم؟!
عباس فيما يبدو سيذهب وحيدا إلى الأمم المتحدة، وليس معه إلا جزء من حركة فتح، وبعض المنتفعين منه ماليا، وسيحاول تعويض ذلك بإلقاء خطاب بلاغي يشبع رغبة الجمهور، بينما هو يعمل بعكس قناعات الجمهور، والرأي العام الفلسطيني؟!
لا طريق أمام عباس وفتح غير المصالحة مع الشعب، والشراكة مع الفصائل، والانتخابات الحرة النزيهة، وتجديد الشرعيات، وإحياء النظام السياسي بعد أن أدخله عباس إلى غرفة العناية المركزة، حيث عبر الأطباء عن حيرتهم من هذا المرض المستعصي؟!