لم تسجل الإحصائية الأمنية التي كشف عنها جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك)، مؤخرا، أية معلومات جديدة حول التنسيق الأمني القائم مع أمن السلطة في الضفة الغربية المحتلة، وجاءت تصريحات رئيس السلطة محمود عباس لاحقا لتؤكد هذه الإحصائية بـ "الاعتراف المباشر".
وكشف تقرير تلفزيوني نشرته القناة الـ12 العبرية نهاية أغسطس/ آب الماضي، أن جهاز "الشاباك" نجح في تفكيك نحو 35 خلية تابعة للمقاومة في الضفة الغربية خلال 3 أعوام الماضية. عازيا ذلك لنجاح التنسيق الأمني القائم.
وقبل أيام، قال رئيس السلطة محمود عباس أمام وفد حركة "السلام الآن" الإسرائيلية خلال لقائهم في مقر المقاطعة برام الله، إنه "يلتقي شهرياً برئيس (الشاباك) ، كما أنه أمر قادة الأجهزة الأمنية بالالتقاء يومياً بقادة جيش الاحتلال والمخابرات لتعزيز التعاون الأمني".
عقيدة عباس
ويؤكد الضابط السابق في جهاز المخابرات التابع للسلطة، فهمي شبانة، أن التنسيق الأمني "عقيدة راسخة لدى السلطة وأجهزتها الأمنية"، معتبرا إياها جهازا أمنيا إسرائيليا بالوكالة.
وأوضح شبانة لصحيفة "فلسطين"، أمس، أن أمن السلطة يقوم بدوره الوظيفي في حماية الاحتلال والمستوطنين وليس حماية أفراد شعبنا الفلسطيني كما هو مفروض.
وقال شبانة إن "عباس تنازل عن الثوابت الفلسطينية، وإن ما يقوم به منذ تولية رئاسة السلطة شيء مخز ومعيب وخيانة للشعب والقضية".
وتابع "يكفي أن عباس تعهد للإسرائيليين بمنع نشوب انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية، وخلال عهده تزايدت أعداد المستوطنات والاعتداءات الاسرائيلية، وقد وصل الحد إلى انخفاض الحس الوطني لدى الناس بسبب الضغوطات الداخلية".
وأكد المحامي الفلسطيني وجود لجنة أمنية مشتركة تضم أجهزة مخابرات تجمع "السلطة والاحتلال والأمريكان وبعض الدول العربية المجاورة، ويتم تزويدها بالمعلومات الأمنية أولا بأول من قبل كبار الضباط في أمن السلطة الذين يطلبونها من الجنود والمندوبين على أساس أنها تُجمع خدمةً للعمل الوطني" وفق كلامه.
واستدرك شبانة: "وبهذه الطريقة يصبح الجندي في أمن السلطة أو المندوب عميلا بشكل مباشر أو غير مباشر".
ودلل الضابط السابق في جهاز المخابرات، بقصة واقعية حدثت وقت عمله آنذاك في الخليل، وقال: "كنت مسؤول مخابرات الجنوب في محافظة الخليل وأمتلك هوية مقدسية، ولأني رفضت العمل بالتنسيق الأمني، تم اعتقالي من الاحتلال وقال لي: أنت مقدسي كيف تشتغل بالسلطة؟!" في المقابل، اليوم يعمل حوالي 3000 فلسطيني يحملون هوية القدس مع أمن السلطة، ولا أحد يلاحقهم؛ لأنهم ببساطة يعملون بالتنسيق الأمني وفق عقيدة عباس".
وتابع: "التنسيق الأمني انتقل مع قيادات أمن السلطة إلى الأفراد والعناصر، وتحول إلى سرطان لا يمكن التخلص منه حتى لو جاء قرار سياسي بوقفه"، مؤكدا أن "الأمر تطور من عمل رسمي الى ارتباطات شخصية بين الجانبين" وفق تعبيره.
ومن وجهة نظر شبانة، فإن التخلص من التنسيق الأمني يتمثل باجتثاث جذور قيادة السلطة السياسية والأمنية الحالية، والقضاء على رأس الهرم (عباس) واستبدالهم بـ "قيادة شريفة تسعى لاستبدال المفاهيم والسيطرة على الأشخاص الذين تم اسقاطهم في وحل هذا السرطان".
99 %ماذا تعني؟!
واتفق الخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي، مع سابقه، بأن التنسيق الأمني "عقيدة راسخة في رئيس السلطة".
وقال الشرقاوي لصحيفة "فلسطين"، أمس، إن "عباس يقدس التنسيق الأمني عملاً وفعلاً لا قولاً وشعاراً، ويتضح ذلك من عمق العلاقة الأمنية بين السلطة والاحتلال".
وأوضح أن (إسرائيل) تسعى لتسخير الجهود العربية عامة والفلسطينية خاصة لصالح مشروعها الاحتلالي في المنطقة من خلال تحويل أمن السلطة وأجهزة عربية إلى "أداة وظيفية تؤدي عملها الأمني على أكمل وجه لصالح الاحتلال".
وأشار إلى أن أمن السلطة يزود الاحتلال بالمعلومات الأمنية والاستخبارية حول المقاومة الفلسطينية؛ بذريعة "منع الارهاب"، في المقابل فإن الاحتلال لا يزود أمن السلطة بأي معلومة حول أي مستوطن يرتكب جرائم بحق المواطنين الفلسطينيين.
وتمم الشرقاوي: "أتحدى أن يزود الاحتلال السلطة بمعلومة صغيرة أو كبيرة تخدم أهدافها أو مصالحها".