تواصل السلطة وأجهزتها المختلفة في الضفة الغربية المحتلة التفرد بالقرار الفلسطيني بما يخدم مصالحها الحزبية والسياسية متجاهلين باقي فئات الشعب الفلسطيني، والابتعاد عن مبدأ الشراكة حتى مع مؤسسات المجتمع المدني المختلفة.
هذه المرة أقرت السلطة قانون الانتخابات المحلية، بعيدًا عن التشاور مع أي من المؤسسات الأهلية أو المحلية، في طريقة، وصفت بأنها إقصائية وتهدف إلى ترسيخ السيطرة السياسية بدلًا من تعزيز التمثيل الشعبي.
وتمثل هذه الخطوة انحرافًا عن مبادئ الشفافية والتعددية، وتصب في خدمة مصالح النخب المتنفذة داخل السلطة، على حساب التمثيل الوطني الحقيقي، ما يهدد بتقويض الثقة بين المواطن ومؤسسات الحكم.
الناشط السياسي جهاد عبدو أكد أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية غير قادرة على التراجع عن التزامها بالإصلاح المنشود، معتبرًا أن الواقع السياسي الراهن يفرض عليها التقيّد بمهمات محددة لا تتجاوز الإطار الأمني.
وقال عبدو لـ "فلسطين أون لاين": "إن "مؤسسات المجتمع المدني تبدو غير مدركة لحقيقة أن اللجنة التنفيذية اليوم لا تملك أي صلاحيات حقيقية، وأنها مكلفة بمهمات محددة تتعلق بأمن الكيان كما اعترفت وزيرة الخارجية وتهدف إلى إفشال أي جهود لتوحيد الجبهة الداخلية، مع سحق عناصر قوة الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "هؤلاء، بعلمهم أو دون علمهم، باتوا يعملون تحت إشراف منسق المنسق"، في إشارة إلى الارتهان للمنظومة الأمنية والسياسية المفروضة على القرار الفلسطيني.
وبين أن أي مراسيم أو قوانين تبنى على خلل شرعي ناتج عن التفرد بالقرار وغياب شرعية المشرع، تفتقد للأساس القانوني والأخلاقي.
وأكد أن الطريق إلى الخلاص من حالة الإغراق التي يزج بها الشعب الفلسطيني يوميًا، بل في كل لحظة، يبدأ بالضغط الشعبي الحقيقي.
وأشار إلى أن هذا الضغط يجب أن يتجسد من خلال بناء تكتل شعبي واسع يمثل إرادة الناس، ويدفع باتجاه إجراء انتخابات إلكترونية شاملة تفرز قيادات من رحم الشارع، لا وفقًا لرغبات الخارج أو إملاءاته.
وشدد عبدو على أهمية أن يشارك في هذه الانتخابات كل أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، لضمان تمثيل عادل وحقيقي يعيد القرار إلى أصحابه الشرعيين.
في السياق، أعربت مؤسسات أهلية وحقوقية فلسطينية عن قلق بالغ إزاء صدور القرار بقانون بشأن الانتخابات المحلية، معتبرة أنه تجاهل الملاحظات الجوهرية التي قدّمتها مؤسسات المجتمع المدني خلال مناقشة المسودات السابقة.
وأشارت المؤسسات، خلال بيان صحفي الأحد الماضي، إلى أن النسخة الصادرة تضمنت شرطاً جديداً لم يرد في أي من المسودات المطروحة سابقاً، يقضي بإلزام كل مرشح للانتخابات بالتوقيع على إقرار بالالتزام ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية والتزاماتها الدولية وقرارات الشرعية الدولية، وهو بند لم يكن مطروحاً من قبل.
وأكدت المؤسسات، أن هذا الشرط يمس بصورة خطيرة بالحق في المشاركة السياسية المكفول بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انضمت إليه دولة فلسطين، والذي يحظر فرض شروط أيديولوجية أو سياسية من شأنها الإضرار بمبدأ التعددية وتكافؤ الفرص.
كما اعتبرت المؤسسات الموقعة أن الشرط يتعارض مع وثيقة إعلان الاستقلال والقانون الأساسي الفلسطيني اللذين كرسا قيم الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية.
ورأت المؤسسات أن إدراج هذا البند بشكل مفاجئ، وبعد انتهاء المشاورات الوطنية، يضعف مصداقية الحوار الذي شاركت فيه مؤسسات المجتمع المدني ويمس الثقة بالعملية التشاورية برمتها.
وطالبت السلطة بالتراجع الفوري عن هذا الشرط، محذّرة من انعكاساته السلبية على ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية وبيئتها.