"وبدا لي بيبي مهزومًا للغاية، بعد إغلاق مطار بن غوريون، ووقف الرحلات الجوية بسبب صواريخ غزة، كانت واحدة من المرات القليلة التي أشاهده فيها هكذا، غابت طاقته وبهجته، لقد مسّ قلبي أن أرى قائد إسرائيل بهذا الشكل، رأيته أكثر ضعفًا مما رأيته من قبل". هذه كلمات جون كيري وزير خارجية أميركا في عهد أوباما، في مذكراته عن لقائه بنتنياهو في حرب 2014م.
هذه من الشهادات العلنية قليلة نادرة. قلتها وندرتها تأتي من حرص القيادات الأمريكية على مصالح إسرائيل.. هذه الشهادات تسكن قلوب كثير من الإسرائيليين، والأمريكيين، غير أنهم لا يقولونها في العلن خشية أن ترفع الروح المعنوية عند المقاومة.
ما من شك أن هناك قيمة كبيرة لشهادة جون كيري على حرب 2014م، وعلى أداء المقاومة، ذلك أنها ترجع إلى شهادة رجل كان وزيرًا للخارجية، وكان حاضرًا في أيام الحرب، وفي مباحثات التهدئة. جون كيري يصف الحالة النفسية البائسة لنتنياهو الذي بدا ضعيفًا، قليل الحيلة، ماذا يفعل بعد أن قتلت المقاومة جنوده من النخبة في الشجاعية والتفاح، وبعد أن أوقفت الصواريخ مطار بن غوريون عن العمل.
من حق المقاومة أن تفتخر بأدائها في حرب 2014م، ومن حقها أن تهدي شهادة جون كيري إلى رئيس السلطة الذي ما برح يصف صواريخ المقاومة بالعبثية، خلافا لجون كيري، وإسرائيل. الدرس الذي يجدر بعباس أن يتعلمه من هذه الشهادة أنه لا قيمة لمفاوضات يتخلى فيها المفاوض الفلسطيني عن المقاومة وعن أوراق القوة، ولا قيمة لمن يستجدي عدوه وهو خالي اليدين؟
كان نتنياهو ضعيفًا، بلا بهجة، وبلا حيلة، ما أحزن جون كيري؟ وجعله يسجل هذه الشهادة في مذكراته التي تقرؤها الملايين. إنه مهما تفوقت دولة العدو على العرب في السلاح، تبقى دولة ضعيفة، وقابلة للزوال والهزيمة. في حرب أكتوبر 1973م بكت جولدمائير مع سقوط خط بارليف، وفي 2014م بكي نتنياهو صمتا مع إغلاق مطار ابن غوريون بفعل صواريخ غزة، حرسها الله، ورفع عن الحصار، والمؤامرات. إن من أغلق مطار ابن غوريون مرة، قادر على أن يغلقه مرات أخرى.