فلسطين أون لاين

​أربعة أعوام على انتهاء الحرب الثالثة وإعمار غزة لم يكتمل

تحل في هذه الأيام الذكرى الرابعة لانتهاء الحرب الثالثة على قطاع غزة, التي شنها الاحتلال خلال المدة من 7-7 حتى 26-8-2014م, واستمرت على مدار 51 يومًا متواصلة في أسوأ أوضاع اقتصادية وإنسانية يمر بها قطاع غزة، ولم يسبق لها مثيل خلال العقود الأخيرة، وذلك بعد حصار ظالم وخانق مستمر منذ سنوات, إذ شن الاحتلال على قطاع غزة حربًا شرسة وضروسًا وطاحنة، استهدفت البشر والشجر والحجر، وحرقت الأخضر واليابس.

اليوم بعد مرور أربعة أعوام على انتهاء الحرب الثالثة لم يتغير أي شيء على أرض الواقع, فمازال قطاع غزة محاصرًا, والأوضاع الاقتصادية تزداد سوءًا, وكل المؤشرات الاقتصادية الصادرة من المؤسسات الدولية والمحلية تحذر من الانهيار القادم لقطاع غزة.

فعلى صعيد عملية إعادة إعمار قطاع غزة حدث ولا حرج, حتى هذه اللحظة بعد مرور أربعة أعوام على انتهاء الحرب الثالثة لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية، ومازالت تسير ببطء شديد ومتعثرة, ومن أهم أسباب بطء وتعثر عملية إعادة الإعمار استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ ما يزيد على 12 سنة, واستمرار إدخال مواد البناء على وفق الآلية الدولية العقيمة المعمول بها حاليًّا (آلية إعمار غزة GRM), التي رفضها الكل الفلسطيني منذ إعلانها وثبت فشلها في التطبيق على أرض الواقع؛ فكمية ما أدخل من مادة الأسمنت للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة خلال المدة من 14/10/2014م حتى 26/8/2018م بلغت نحو 2.1 مليون طن, وهي لا تمثل سوى 25% من احتياج قطاع غزة للأسمنت في تلك المدة, فقطاع غزة يحتاج إلى 8 ملايين طن خلال المدة نفسها لتلبية الاحتياجات الطبيعية فقط.

وانعكس ذلك بوضوح بطئًا شديدًا في عملية الإعمار, وعلى سبيل المثال ما أنجز في الوحدات السكنية المدمرة كليًّا إعادة بناء 6954 وحدة سكنية من جديد من أصل 11000 وحدة سكنية دمرت كليًّا, وهي تمثل فقط 63% فقط من مجموع الوحدات التي دمرت كليًّا, وبلغ عدد الوحدات السكنية التي في مرحلة البناء 1132، والوحدات السكنية التي يتوافر لها تمويل لإعادة إعمارها 347، والوحدات السكنية التي لا يتوافر لها تمويل لإعادة إعمارها 2567 وحدة سكنية.

ويقدر عدد الذين مازالوا نازحين ودون مأوى بسبب الحرب الإسرائيلية في صيف 2014م على قطاع غزة بنحو أكثر من 3400 أسرة (نحو 17 ألف فرد مشردين).

أما على صعيد القطاع الاقتصادي فهو مغيب كليًّا عن عملية إعادة الإعمار, فبلغ عدد المنشآت الاقتصادية التي تضررت في القطاعات كافة (التجارية والصناعية والخدمية) نحو 5427 منشأة اقتصادية, وقدرت خسائرها المباشرة وغير المباشرة بنحو 284 مليون دولار, وقدرت تكاليف إنعاشها وإعادة إعمارها بحسب ما رصد في الخطة الوطنية للإنعاش المبكر وإعادة الإعمار بنحو 566 مليون دولار, فلا يوجد أي جديد فحالها كما هي, فما أنجز في الملف الاقتصادي هو صرف تعويضات للمنشآت الاقتصادية بنحو 9 ملايين دولار من المنحة القطرية، وصرفت لنحو 3195 منشأة من المنشآت الصغيرة التي تضررت أضرارًا جزئية بسيطة، وبلغ تقويم خسائرها أقل من سبعة آلاف دولار, إضافة إلى رصد مبلغ 8.6 مليون دولار من المنحة الكويتية للشركات المتضررة في قطاع الصناعات الإنشائية والخشبية, ومجمل ما رصد للقطاع الاقتصادي لا يتجاوز 6.1% من إجمالي أضرار القطاع الاقتصادي المباشرة وغير المباشرة.

إن التأخر في عملية إعادة الإعمار واستمرار الحصار أديا إلى عواقب خطيرة على الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة, إذ حذرت العديد من المؤسسات الدولية من عواقب إبقاء الحصار المفروض على قطاع غزة، وتأخر عملية إعادة الإعمار على كل النواحي: الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية, وبفعل استمرار الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، ونتيجة لانهيار المنظومة الاقتصادية في قطاع غزة بفعل الحرب, واستمرار آثارها حتى هذه اللحظة؛ ازداد عدد الفقراء والمحرومين حقهم في الحياة الكريمة, وبلغ معدل البطالة في قطاع غزة 49% في الربع الثاني من عام 2018م، بحسب بيانات مركز الإحصاء الفلسطيني, وبلغ عدد العاطلين عن العمل نحو ربع مليون فرد, وارتفعت معدلات الفقر لتتجاوز 53%, وتجاوز عدد الأشخاص الذين يتلقون مساعدات إغاثية من (أونروا) والمؤسسات الإغاثية الدولية أكثر من مليون شخص، بنسبة تزيد على 60% من إجمالي سكان قطاع غزة.

في النهاية أتساءل للمرة المليون: إلى متى؟!، وما الحل؟!، وما المطلوب؟!