خبران، الأول: تزعم الصحف العبرية أن محمود عباس رئيس السلطة يعمل على إفشال التهدئة مع حماس. والثاني يقول فيه عباس والعالول وفريقهما إن التهدئة جزء من صفقة القرن، وإن حماس ترتكب خيانة إذا وافقت على التهدئة بعد عيد الأضحى؟!
هذان الخبران هما المسيطران على الحركة الإعلامية على وجه التقريب في الساحة الفلسطينية، ولا أحد حتى الآن يمكنه أن يضمن نجاح التهدئة بالرعاية المصرية، فقد تؤول المباحثات إلى صفر، لأن الطرف الإسرائيلي لا يريد أن يدفع الثمن المطلوب فلسطينيا. ومع ذلك فنحن في حاجة إلى مقاربة الخبرين المذكورين آنفا.
أما ما يتعلق بالتهدئة وصفقة القرن، فحماس كانت وما زالت الأحرص على إفشال صفقة القرن، وهي الجهة التي تبنت مع الفصائل النشطة في غزة الرد العملي على نقل السفارة الأميركية للقدس، ودفعت بمسيرات العودة نحو هذا الهدف، بينما مَنع عباس من خلال أجهزته الأمنية الضفة الغربية المشاركة في مسيرات العودة، وعلى هذا فإن التهدئة ذات الأبعاد المدنية والإنسانية لن تكون جزءا من صفقة القرن، التي تقوم على قواعد سياسية لتصفية القضية الفلسطينية. ويمكن القول إن من يمنع مسيرات العودة في الضفة، ويقيم علاقات صداقة مع الدول العربية الموافقة على صفقة القرن، هو من يمهد لتطبيق هذه الصفقة المشبوهة، واتهام الآخرين بالتمهيد لها؟!
وأما أن محمود عباس يعمل على إفشال التهدئة، فهذا الاتهام قائم وتردد على ألسنة عباس وحاشيته، والاتجاه نحو فرض مزيد من العقوبات المالية على غزة أمر محتمل، والتسريبات التهديدية تشير إلى ذلك، ولكن (إسرائيل) هي وحدها من يملك ورقة التهدئة نجاحا وفشلا، وعباس لا يملك إفشالها ولا إنجاحها، و( إسرائيل) هي التي تستطيع وقف تصرفات عباس، وكبح جماح عقوباته، فإن كان لها غرض ومصلحة فيما يقوم به عباس فستقف موقف المتفرج المشجع له، وإن كانت لا تجد مصالحة في تصرفات عباس فهي الجهة القادرة على عرقلة تصرفاته.
عباس في النهاية لا يملك من الأوراق الفاعلة إلا ما تأذن به (إسرائيل) ، فقدرات عباس مستمدة من الغير، وليست قدرات ذاتية تنبع من النفس والذات. عباس لا يستطيع دفع شرّ (إسرائيل ) عن نفسه، فكيف له أن يفرض إرادته على من يمده بأسباب الحكم والرئاسة فيقوم بعقوبات على غزة بدون موافقة ( إسرائيل )؟! في النهاية، التهدئة حاجة ( إسرائيلية) كما هي حاجة فلسطينية، وعباس يرفضها لأنه ليس عنوانا لها، ولو كان هو عنوانها لكانت عنده من الأعمال الوطنية الكبرى؟!