"الإنذار الأخير"، كانت هذه الرسالة التي أطلقها الموظفون المعتصمون الذين فصلتهم إدارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يوم 25 يوليو/ تموز المنصرم، ضمن التقليصات التي اتخذتها بحق اللاجئين؛ بذريعة الأزمة المالية التي تعاني منها.
وعاد الموظفون المفصولون أمس إلى نصب خيمة اعتصام جديدة أمام بوابة الوكالة الرئيسة وسط مدينة غزة، لمدة ثلاثة أيام فقط، بعدما علقوا الاعتصام أيام عيد الأضحى المبارك، عقب طلب اتحاد الموظفين العرب منهم ذلك، لإعطاء الفرصة للحوار مع إدارة الوكالة.
ماهر الملخ مشرف صحة نفسية، أحد موظفي الوكالة المفصولين المتواجدين في داخل خيمة الاعتصام، يقول إن هذا الاعتصام هو الأخير لإعطاء الفرصة لإدارة الوكالة لإيجاد حلول مناسبة لقضيتهم، مشيراً إلى أنه سيستمر ثلاثة أيام.
وأوضح الملخ لصحيفة "فلسطين"، أن الموظفين ينتظرون الآن رداً من إدارة وكالة الأونروا في غزة على المقترحات والحلول التي قدمها اتحاد الموظفين حول مشكلة موظفي الطوارئ المفصولين.
وذكر أن الوسطاء القائمين على حل المشكلة، طلبوا من اللجنة الممثلة عن المعتصمين أن يتم إعطاء فرصة أخيرة لمدة ثلاثة أيام لإدارة الوكالة للتفاوض خلالها "ونحن استجبنا لذلك"، وفق قوله.
وأكد أن اعتصام الموظفين سلمي، "ونحن ملتزمون بالقانون ونحافظ على مرافق مؤسستنا التي عملنا فيها سنوات طويلة"، لافتاً إلى أنهم ملتزمون بالإجراءات النقابية التي سيقررها اتحاد الموظفين لاحقاً.
وأعرب الملخ، عن أمله أن ينتهي الاعتصام قريباً، والتوصل إلى نتائج إيجابية من شأنها إنهاء قضية الموظفين المفصولين، مشدداً على أنهم سيواصلون المبيت في خيمة الاعتصام طيلة الثلاثة أيام.
لم يختلف الحال كثيراً لدى الموظف المفصول إسماعيل الطلاع الذي يعمل في "الأونروا" منذ 15 عاماً، حيث أشار إلى أن هذا الإنذار الأخير لإدارة الأونروا "لتفويت الفرصة على الوكالة".
وقال الطلاّع لـ"فلسطين"، إن استجابة الموظفين لإعطاء هذه المهلة، جاءت من أجل توسيع أفق الحوار بين اللجنة المكلفة من الاتحاد، وإدارة الوكالة، معرباً عن أمله أن تنتهي الأزمة قريباً.
وأضاف أن "إدارة الوكالة خلال الشهر ونصف الشهر الماضية قتلتنا اقتصادياً واجتماعياً، حتى أصبحنا غرباء في مجتمعنا جراء قرارها بفصلنا"، متأملاً أن تستجيب الوكالة لمطالبهم في آخر فرصة.
وطالب الطلاّع، إدارة الأونروا بالتراجع عن قرارها، وإعادة المفصولين لعملهم وفق المسمى والتوصيف الوظيفي الخاص بكل موظف، كما في سنوات عملهم منذ البداية.
وكانت الموظفة فاطمة أبو عاصي، إحدى المشاركات في خيمة الاعتصام، تأكيداً منها على حقها بالعودة إلى عملها والحصول على الاستقرار الوظيفي، كما قبل 14 عاماً قضتها بين أروقة الوكالة.
بحسرة وقلق تقول أبو عاصي التي تعمل مرشدة نفسية في إحدى مدارس الوكالة، إنها تلقت خبر تحويل عقد عملها لدوام جزئي بدلاً من الكامل، بصدمة كبيرة.
وتضيف لـ"فلسطين" أنها اعترضت على القرار وعبّرت عن غضبها خلال مشاركتها في الاعتصام السلمي الذي انطلق عقب إصدار القرار فوراً، إضافة إلى أنها أضربت عن الطعام قرابة 25 يوماً.
وأوضحت أن العقد الجديد الذي أقرته الوكالة لهم "مُبهم" ولا يتضمن أي تفاصيل عن قيمة الراتب والموعد المحدد له، ولم يتطرق لقضية ضمان حقوقهم.
وتطالب أبو عاصي إدارة الوكالة بالتراجع عن قرار الفصل، وإعادتها وزملائها إلى العمل وفق العقد السابق الذي يكفل لهم حقوقهم كاملةً، مشددةً على أنها ستواصل اعتصامها حتى تحقيق مطالبهم.
غير مسبوقة
من جانبه، توعد اتحاد الموظفين العرب في وكالة "الأونروا" بفعاليات غير مسبوقة، في حال انتهاء المُهلة الأخيرة وعدم التوصل لحلول إيجابية تضمن عودة الموظفين المفصولين.
وقال نائب رئيس قطاع الخدمات في الاتحاد أحمد لبد، إنه في حال عدم التوصل لأي نتائج، ستكون هناك فعاليات غير مسبوقة في تاريخ وكالة الغوث منذ تأسيسها وحتى الآن.
وأضاف لبد لـ"فلسطين": "بعد انتهاء المهلة المُحددة سنُمارس عملنا النقابي الحقيقي الذي يخولنا الدخول في إضراب مفتوح وشل الحركة داخل أروقة مؤسسة الوكالة".
وأوضح أن الاتحاد أعطى فرصة أخيرة لإدارة الأونروا حتى نهاية يوم الثلاثاء المقبل، لإيجاد الحلول اللازمة وإعادة الموظفين المفصولين، مشيراً إلى أنها تواصل سياسة المماطلة والتسويف في التعامل مع هذه القضية.
وحول تذرع الوكالة بأن الأزمة "مالية"، ذكر لبد، أن الاتحاد وضع حلولاً مناسبة واستطاع توفير الرواتب لـ956 موظفاً حتى نهاية العام الجاري.
وتابع "إذا كانت الذريعة هي الأزمة المالية، فقد استطاع الاتحاد إنهاءها"، لافتاً إلى أن الاتحاد أرسل هذه الحلول لكل الوسطاء سواء في غزة أو الضفة الغربية المحتلة أو الأردن.
وأشار لبد، إلى أن الاتحاد سيعقد مؤتمراً يوم الأربعاء المقبل، بعد انتهاء المهلة المحددة، لوضع الموظفين المفصولين في صورة الأوضاع وما توصل له مع إدارة الوكالة، وإعلان الإجراءات والفعاليات التي سيتم تنظيمها لاحقاً.
وأفاد بأن نهاية الشهر الجاري ستكون انتهت عقود الـ116 موظفاً، وبالتالي سيتم فصلهم، مؤكداً رفضه لفصل أي موظف من الوكالة.
وشدد على ضرورة أن يكون الكل الفلسطيني على قدر المسؤولية فيما ستؤول إليه الأوضاع في المرحلة المُقبلة، في حال عدم التوصل لأي نتائج إيجابية.
وتقول الأونروا إنها تعيش أزمة مالية خانقة تهدد عملياتها ووجودها بعد تقليص الولايات المتحدة الأمريكية نحو 300 مليون دولار من تمويلها من أصل 365 مليون دولار.
وبدأت إدارة الوكالة في قطاع غزة أولى خطوات التقليص، بفصل 125 موظفاً بشكل كامل من عملهم، وإحالة 570 آخرين في برنامج "الطوارئ" للعمل ضمن الدوام الجزئي حتى نهاية العام، ثم سيجري فصلهم.