لا تزال المحاولات الأمريكية الرامية لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين تجري على قدم وساق، عبر تقليص دعمها المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، وهي المؤسسة الأممية الوحيدة الشاهدة على قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجّروا عام 1948م قسرًا.
كان أول إجراءات الإدارة الأمريكية هو قرار تقليص مساعداتها المالية المُقدمة للوكالة، قبل عدة شهور، وصولًا إلى سن الكونغرس قانونًا جديدًا يختزل أعداد اللاجئين الفلسطينيين بـ40 ألف لاجئ بدلًا من 5.2 ملايين، وغيرها من الإجراءات.
يُشار إلى أن مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، قالت إن إدارة الرئيس دونالد ترامب، وبدعم من صهره ومستشاره جاريد كوشنر، وأعضاء في الكونغرس، يعملون على إنهاء وضعية "لاجئ" لملايين الفلسطينيين من أجل وقف عمل "أونروا".
وتسعى الإدارة الأمريكية مع (إسرائيل) إلى إزاحة قضية اللاجئين عن الطاولة في أي مفاوضات محتملة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفق ما ذكر مختصون في شؤون اللاجئين، لكنهم استبعدوا أن تتم هذه الخطوة في ظل صمود اللاجئين الفلسطينيين.
شطب حق العودة
رئيس اللجنة الوطنية العليا للدفاع عن حق العودة محمد عليان، ذكر أن كل المخططات الأمريكية الإسرائيلية، تهدف بشكل أساس إلى شطب حق العودة، الذي يُعد أحد الشواهد على جريمة الاحتلال لتهجير الفلسطينيين.
وقال عليان لصحيفة "فلسطين"، إن الإدارة الامريكية لم تكتفِ بتقليص الدعم المُقدم للوكالة فحسب، بل تحارب الدول الأوروبية التي تساعد الوكالة لسد العجز المالي الذي تعاني منه، مشيرًا إلى أن المسألة ليست أزمة مالية، إنما "سياسية بامتياز".
وأكد أن المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لا تزال جارية لضرب القضية الفلسطينية ومنها اللاجئون، من خلال إنهاء عمل الوكالة الشاهد الوحيد على نكبة الفلسطينيين.
وشدد على أن "كل هذه المحاولات ستبوء بالفشل، خاصة أن الحق الفلسطيني موجود على الأرض ووجود العديد من القرارات التي تعطي اللاجئ حقه في العودة إلى أرضه التي هُجر منها".
وبيّن عليان، أن (إسرائيل) تحاول منذ عقود طويلة تصفية قضية اللاجئين، ضاربة بعرض الحائط كل القرارات الدولية والأممية التي تنص على حق العودة لأراضيهم.
ويتفق مع ذلك، مدير المكتب التنفيذي للاجئين بالضفة ناصر شرايعة، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى إنهاء القضية الفلسطينية بأكملها، بما فيها القدس واللاجئون والأراضي وكل ما له علاقة بإقامة الدولة الفلسطينية.
وعدّ شرايعة خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، جميع الإجراءات الأمريكية وتقليص الخدمات، تندرج في إطار "الضغط على اللاجئين، لإنهاء القضية الفلسطينية".
وبيّن أن الولايات المتحدة تحارب كل ما له علاقة باللاجئين وخاصة الأونروا التي تعد الشاهد الأممي الوحيد على قضية اللاجئين وتشريد الفلسطينيين.
ومع ذلك، فإن شرايعة، شكك في إمكانية استبعاد قضية اللاجئين من أي مفاوضات مع الاحتلال في المراحل القادمة، في ظل صحوة الشعب الفلسطيني، مشددًا على ضرورة "إشعال انتفاضة جديدة ضد الإدارة الأمريكية".
مواجهة القرارات
وشدد شرايعة، على ضرورة أن يكون هناك وقفة جادة وحقيقية، حتى لا تصل الأمور إلى إزاحة ملف اللاجئين عن طاولة المفاوضات، كونه أحد الملفات المهمة في القضية الفلسطينية.
وأضاف أن "الذهاب إلى مفاوضات يجب أن يستند إلى أرضية قوية، ومخيمات فيها ملايين اللاجئين الذين يستعدون للتضحية من أجل استعادة حقوقهم والعودة لديارهم".
وبحسب قوله، فإن المطلوب حاليًا هو تحرك دولي وأممي على كلّ الأصعدة سواء من السلطة أو منظمة التحرير والمؤسسات الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان للضغط على الإدارة الامريكية للتراجع عن قراراتها.
وتابع: "نحن الآن في ملحمة تاريخية تقودها الولايات المتحدة بمساعدة (إسرائيل)، لإنهاء القضية الأهم في الشرق الأوسط وهي قضية الشعب الفلسطيني".
وبالعودة إلى عليان، فإنه أيّد ما ذكره شرايعة، قائلًا: "إننا نعول على التحركات الدولية والأممية والجهات المعنية، لمواجهة التحديات الكبيرة الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين".
وناشد عليان جميع الحكومة والمؤسسات الدولية بدعم الوكالة، من أجل ضمان استمرار الخدمات التي تقدمها الوكالة للاجئين الفلسطينيين في الأقاليم الخمسة.
وتعاني الوكالة الأممية أزمة مالية خانقة، من جراء تجميد واشنطن 300 مليون دولار من أصل مساعدتها البالغة 365 مليون دولار.
وتقول الأمم المتحدة إن "أونروا" تحتاج إلى 217 مليون دولار، محذرة من احتمال أن تضطر الوكالة لخفض برامجها بشكل حاد، والتي تتضمن مساعدات غذائية ودوائية.