فلسطين أون لاين

زقوت: التحقيق الإسرائيلي "ذر للرماد في العيون" لتضليل العالم

​الاحتلال ينكأ جراح ذوي مجزرة رفح بإغلاق ملف التحقيق

...
غزة/ نور الدين صالح:

مُجددًا، عاود الاحتلال الإسرائيلي ينكأ جراح ذوي شهداء مجزرة رفح جنوبي قطاع غزة، التي ارتكبها في مطلع آب/ أغسطس عام 2014، وراح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى، بإغلاق ملف التحقيق مع مرتكبي هذه الجريمة.

فقد قرر ما يسمى المدعي العام العسكري الإسرائيلي الجنرال "شارون أفيك"، أول من أمس، عدم فتح تحقيق جنائي في مجزرة "الجمعة السوداء" التي ارتكبها جيش الاحتلال بمدينة رفح، خلال العدوان على غزة صيف 2014.

كان وقع القرار صادمًا على عائلات الشهداء والجرحى الذين لحقت بهم في هذه المجزرة، واعتبروه "جريمة حرب جديدة ارتكبها الاحتلال بحقهم للتنصل من حقوقهم".

الجريح وائل النملة كان أحد من أصيبوا خلال هذه المجزرة مع وزوجته وطفله، إضافة إلى استشهاد عددٍ آخر من عائلته، استنكر قرار المدعي العام الإسرائيلي بإغلاق ملف التحقيق.

وعدّ النملة خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، إغلاق الملف يندرج في إطار محاولات الاحتلال إخفاء الحقيقة وتضليلها، للتنصل من إعادة حقوقهم التي كفلتها القوانين الدولية.

وقال: إن الاحتلال الإسرائيلي يسعى دائمًا إلى تعتيم الحقيقة رغم ارتكابه المجزرة على مرأى ومسمع العالم أجمع، إضافة إلى محاولته تضليل وإبعاد صفته بأنه قاتل الأطفال للعالم.

وأكد أن إغلاق الملف لا يصب إلا في مصلحة الاحتلال والتهرب من المسؤوليات الملقاة على عاتقه، مطالبًا الجهات المعنية والمجتمع الدولي باستعادة حقوقهم ومحاسبة قادة الاحتلال ومرتكبي الجرائم.

ولم يختلف الحال كثيرًا لدى المواطن جمعة الغول، الذي فقدت عائلته خلال المجزرة 9 شهداء، من بينهم 3 نساء و3 أطفال، وإصابة 8 آخرين بينهم شاب ووالدته بجروح خطيرة، مشيرًا إلى أن الاحتلال يحاول تجميل صورته القبيحة المجرمة أمام العالم.

ويقول الغول لصحيفة "فلسطين"، إن إغلاق الملف "لم يكن أمرًا مستغربًا على الاحتلال الذي اعتاد على ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وأطفالها"، مشددًا على أن الاحتلال يتنصل من جريمته والمسؤوليات المناطة به وفق القوانين الدولية.

وتساءل: "إلى متى سيبقى الاحتلال يتمادى بجرائمه ضد الأطفال والنساء في قطاع غزة؟"، لافتًا إلى أنهم يتابعون الملف مع المراكز الحقوقية وأبرزها مركز الميزان لحقوق الإنسان.

وطالب الغول، المؤسسات الحقوقية والمعنية بضرورة تفعيل قضيتهم على الصعيدين المحلي والدولي، من أجل استعادة حقوقهم ومحاسبة قادة الاحتلال الإسرائيلي ومرتكبي المجزرة.

ذر الرماد

من جانبه، عبّر نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان سمير زقوت، عن استنكاره الشديد لإغلاق ملف التحقيق دون الوصول إلى نتائج يُمكن أن تعاقب المسؤولين وتحلل الاحتلال من الالتزام بالمسؤولية تجاه الضحايا.

وقال زقوت لصحيفة "فلسطين": إن (إسرائيل) استخدمت لجان التحقيق "لذر الرماد في العيون وإقناع العالم أنها تقوم بواجبها وفق القانون"، منبّهًا إلى أن التحقيقات التي فتحها الاحتلال تثبت أن المحاكمة كانت صورية وليس لها علاقة بمعايير مهنية، رغم أن التحقيق واجب عليها وعلى كل دولة منضمة لاتفاقية جنيف الرابعة.

واستدرك: "لكنّ التجارب تثبت أن نظام الاحتلال فاشيٌّ"، واصفًا إغلاق الملف بأنها "محاولة تجميل الصورة وليس لها علاقة بالتحقيق المهني والمعايير الدولية".

وأوضح أن اللجان التي شكلها الاحتلال هي من الجيش نفسه، متسائلًا: "كيف لمُرتكب الجريمة أن يُحقق مع نفسه"، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنه كان من المتوقع عدم خروجها بنتائج حاسمة.

وعدّ إغلاق (إسرائيل) التحقيق هو "تحلل من أبسط التزاماتها في القانون الدولي"، وهو ما يتطلب ذلك من الدول الأخرى المشاركة في اتفاقية جنيف الرابعة تفعيل ملاحقة المشاركين في الجريمة.

في السياق، ذكر زقوت، أن مركز الميزان رفع مذكرة خاصة في قضية مجزرة "الجمعة السوداء" للمحكمة الجنائية الدولية.

وأوضح أن المذكرة تتضمن كل الأدلة اللازمة لمباشرة التحقيق فيما جرى في المجزرة، والقيام بالواجب الذي تحللت منه (إسرائيل).

وطالب زقوت، المجتمع الدولي والمحكمة الجنائية الدولية بمباشرة التحقيق في قضية المجزرة، خاصة أن لديها ملفًّا خاصًّا حول الانتهاكات المرتكبة خلال المجزرة التي استمرت على مدار ثلاثة أيام.

و"مجزرة رفح" وقعت عندما شنّ جيش الاحتلال قصفًا عنيفًا بالطائرات والآليات المدفعية والبوارج البحرية على مدينة رفح، رغم دخول تهدئة إنسانية مؤقتة حيز التنفيذ، آنذاك، ما أسفر عن استشهاد نحو 150 فلسطينيًا وإصابة آلاف آخرين.