فلسطين أون لاين

​نال مؤخراً جائزة تُمنح للمميزين في الحقل التطوعي في الشرق الأوسط

"أبو وردة" صانع الأمل الذي جمعَ بين إنسانية الطب والعمل الخيري

...
ألمانيا / غزة - مريم الشوبكي

بينما يحمل مشرطه الطبي يمد يده الأخرى للعمل الخيري، اختار الطب كتخصص ومهنة وسلك طريق الحقوق كدافع إنساني، فهو يرى أن الإنسانية هي من تجمع بينهما لذا أرادَ لنفسه أن يكون هذا منهجه في الحياة.

الطبيب الغزي باسل أبو وردة يبلغ 27 عاما، تخرَّج من كلية الطب في جامعة الأزهر عام 2013 ، أثناء دراسته عين كرئيس للاتحاد العالمي لكليات الطب فرع غزة، وعمل في مستشفى الشفاء قبل أن يسافر لاستكمال دراسته والتخصص في جراحة القلب في ألمانيا، وعمل مدرباً في مجال حقوق الإنسان، وناشطا على وسائل التواصل الاجتماعي.

ونال مؤخراً جائزة "رواد الأمل" التي أطلقتها "أم بي سي" وتمنح للأشخاص المميزين في العمل الانساني والتطوعي، على مستوى الشرق الأوسط والعالم العربي.

العمل التطوعي

تحدث الدكتور أبو وردة لـ"فلسطين" عن بدايته مع العمل الخيري:" أثناء دراستي في الجامعة كنت أشارك في الأعمال التطوعية كالتبرع بالدم، وحملات توعية عن مرض السرطان، ومن ثم تطوعت في مركز الميزان لحقوق الإنسان وعملت كمدرب حقوقي، إلى أن تخرجت وعملت في مستشفى الشفاء".

وأضاف: "ومن ثم تركت العمل في المستشفى وتفرغت للعمل التطوعي، لا سيما في فترة الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة عام 2014، حينها أطلقت مبادرة شبابية على صفحتي الشخصية على فيس بوك ومن هنا انطلقت الفكرة وتواصلت مع جهات دولية من أجل جلب مساعدات للمنكوبين".

وتابع: "عملت على توثيق الحرب الاسرائيلية على غزة وتزايد عدد متابعيها، حتى صرت من المصادر الموثوقة في توثيق ما يجري على الأرض، لذا استطعت أن أجلب عددا من المشاريع الخيرية القائمة حتى اللحظة رغم سفري".

وبين أبو وردة أن المشاريع الخيرية تنوعت ما بين مشاريع دعم النساء الحوامل سواء المستلزمات اللازمة لهن خلال فترة الحمل أو بعد الولادة، كما أن هناك مشروعا لدعم النساء الأرامل بتأهيل وتعليم المرأة بحيث تكون عنصرا منتجا في المجتمع، كما تم تعليم أرامل الشهداء حرفا كالخياطة وبعد فترةٍ تم الربط مع عدد من المصانع لتشغيلهن وأنجزت من المشروع مرحلتين والآن يتم تنفيذ المرحلة الثالثة.

شمس الأمل

المشاريع الإنسانية لدى ضيفنا "باسل" كانت نوعية؛ وتفكيره انصب على الفئات المهمشة، فهو أول من فكر بإنشاء مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة "شمس الأمل"، ولكن الاحتلال الاسرائيلي دمرها في حربه الأخيرة، وفق قوله.

لم يستسلم الرجل فحاول مجدداً أن يعيد "الأمل" لذوي الاحتياجات الخاصة، فتحرك مع الجهات الدولية لجلب تمويل لإعادة بناء المدرسة، وقال: "خلال هذه الفترة حاولنا دمج هؤلاء الأطفال في المدارس ولكن للأسف المدارس غير مهيأة أصلاً لاستيعاب هؤلاء الأطفال؛ لذا فإن أغلبهم توقفوا عن الذهاب إلى المدارس".

وواصل حديثه: "لذا عملتُ بقوة لإعادة إنشائها وبالفعل أعيد بناؤها، حيث تستوعب 340 شخصا، وتم توفير 140 كرسيا متحركا، بالإضافة إلى إمداد الأطفال بالمستلزمات المدرسية كاملة".

وأسس الطبيب الشاب "جمعية أهداف" وهي جمعية خيرية غير ربحية، حيث قام من خلالها بتنفيذ عدد من المشاريع التطوعية والخيرية؛ بالإضافة إلى توعية الناس عن مخاطر مخلفات الحرب، ومشاريع خاصة بمرض السرطان والكشف المبكر عن سرطان الثدي، وتوفير ملابس للطلاب في الشتاء، وتوفير قرطاسية واللوازم المدرسية، بالإضافة إلى إفطارات جماعية للعائلات المستورة في غزة.

يلتقيان عندي

تلك المشاريع جعلته يستحق نيل جائزة "رواد الأمل" قبل شهرين، حيث إنه اختير من قبل المشرفين على الجائزة دون أن يقدم لها، لأنهم رأوا أنه من الأشخاص المميزين في العمل التطوعي والإنساني لما قدمه من مشاريع خدمت الفئات المهمشة في غزة.

وبالعودة إلى مهنة الطب التي اختارها، تحدث الطبيب أبو وردة :"اخترتُ تخصص جراحة القلب لأنها من التخصصات النادرة في غزة، وكان السبب وراء هذا الاختيار جراح القلب الفلسطيني مروان الصادق الذي كان أستاذي في الجامعة".

وتابع: "كانت الإمكانيات لعمل جراحات في القلب مفقودة لفترة معينة في غزة، ولكن مؤخراً أصبح الأمر أفضل في غزة؛ مما وفر علينا كثيرا من التحويلات لعمل جراحات القلب داخل الأراضي المحتلة ودول أخرى".

وفي سؤاله عن سبب اختياره طريق العمل الخيري بعيداً عن مهنة الطب، قال: "العمل الإنساني الخيري والعمل الطبي طريقان متوازيان، كلاهما يتلاقيان بالنسبة لي".

أما اختيار طريق الحقوق، والعمل لفترة كمدرب حقوقي، قال إنه يهدف إلى تعليم الناس وتوعيتهم للدفاع عن حقوقهم والمطالبة بها، موضحاً: "كثيرٌ من حقوقنا ضاعت بسبب عدم مطالبتنا بها، والأهم انتزاع حقوقنا من المحتل الذي ينتهكها كل يوم".

وطموح الطبيب باسل هو اكمال دراسة تخصص جراحة القلب ومن ثم جلب الخبرات التي حصل عليها أثناء دراسته في ألمانيا إلى غزة، بالتوازي مع استكمال العمل الخيري الذي بدأ فيه حيث سيكون جزءا لا يتجزأ من عمله في غزة.

رغم أن العمل الخيري يحتاج إلى تفرغٍ تام، ولكنه عزم على التوفيق بين العمل التطوعي ومهنته كطبيب، على أن يكون حلقة وصل بين المؤسسات الدولية والمشاريع الانسانية.

ويسدي نصيحة للشباب وفي نهاية حديثه، قائلاً: "كلُ بدايةٍ صعبة لذا امتلك الإرادة وخذ الخطوة الأولى للبدء، ومن يكون نيته لوجه الله سيسهل عليه عمله؛ محذراً إياهم من عدم النظر إلى الأوضاع الصعبة التي يعيشها القطاع المحاصر كشماعةٍ ليعلقوا عليها إخفاقاتهم".

وأضاف: "جربوا مرةً واثنتين وثلاث ولا تيأسوا، عليكم بالتفاؤل والأمل؛ فلدى كل منا قدرات دفينة لا ندرك أنها موجودة بداخلنا، ابدؤوا بأنفسكم، وستصلون إلى النهاية المنشودة".