بينما يواصل شبان فلسطينيون إطلاق الطائرات الورقية والبالونات من قطاع غزة نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، يزداد تخوف أوساط أمنية إسرائيلية من انتقال تلك الظاهرة إلى الضفة الغربية المحتلة وللمستوطنات المنتشرة هناك.
وفي مطلع الشهر الجاري، وتحديدا في السادس من أغسطس/آب أعلنت مصادر إسرائيلية العثور على بقايا طائرة ورقية "مشتعلة" أطلقت من مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية وسقطت في "مستوطنة اريئيل" قرب مدينة سلفيت، تبعها سقوط طائرة ورقية أخرى في ذات المكان.
ولم يكن ذلك الحادث الأول من نوعه، فقبله ببضعة أيام سقط بالون مذيّل بمواد قابلة للاشتعال داخل مستوطنة "جيلو" جنوب القدس المحتلة، الأمر الذي دفع مسؤولي المستوطنة لاستدعاء خبراء المتفجرات إلى المكان، ودعوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الجيش أفيغدور ليبرمان إلى "التحرك بسرعة لتحديد أصل هذه البالونات ومنع تكرارها وزيادتها كحال غزة".
وقال المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات: إن هناك تخوفات إسرائيلية حقيقية من أن تعيش مستوطنات الضفة الغربية سيناريو إطلاق الطائرات الورقية والبالونات، كإحدى أدوات المقاومة الشعبية التي تبلورت عقب انطلاق مسيرات العودة وكسر الحصار شرقي قطاع غزة.
وأضاف بشارات في حديثه لصحيفة "فلسطين": "تابع الاحتلال باهتمام بالغ وبعيدا عن الإعلام حوادث إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة التي اطلقت من الضفة خلال الأسابيع القليلة، نظرا لبعدين أساسيين، الأول مرتبط بوجود مساحة أكبر للعمل والمناورة في الضفة مقارنة بمساحة القطاع الساحلي".
وتابع بشارات: "يتعلق البعد الثاني وهو الأهم في نظر الاحتلال بارتفاع نسبة الإصابة وتحقيق النتيجة المرجوة، خاصة في المستوطنات التي تقع على سفوح جبلية يعلوها قرى فلسطينية وذلك في ظل انتشار التجمعات الاستيطانية الكبرى في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة.
ورأى أن "الاحتلال بادر سريعا لمكافحة كابوس الطائرات الورقية والبالونات عبر شن حملات اعتقالات واسعة في صفوف نشطاء الشباب خلال الفترة الماضية، خاصة أن نسبة التهديد سترتفع حال إتمام فصائل المقاومة بغزة تهدئة مع الاحتلال".
بدوره، أوضح الكاتب السياسي ياسين عز الدين، أن بعض العوامل الجغرافية قد تقف عائقا أمام انتقال ظاهرة الطائرات الورقية والبالونات إلى الضفة المحتلة على غرار قطاع غزة، كأحد أساليب المقاومة الشعبية، ولكن تلك المعضلة يمكن تجاوزها إن جرى اختيار الهدف بدقة "فتكون النتائج أكثر فاعلية في التكتلات الاستيطانية".
وقال عز الدين لصحيفة "فلسطين": "يمكن أن يكون للطائرات الورقية والبالونات الحارقة تداعيات نفسية مهمة أكبر من الأثر المادي المتمثل بإشعال الحرائق والتسبب بخسائر مالية باهظة للمستوطنين"، مضيفًا: "أنْ يعيش المستوطن في قلق نفسي فسيدفعه في النهاية للمغادرة أو على الأقل يردع آخرين عن القدوم للمستوطنات".
ونجح الشبان في غزة بتحويل الطائرات الورقية منذ انطلاق مسيرة العودة وكسر الحصار في الثلاثين من شهر مارس/آذار المنصرم، إلى أداة مقاومة شعبية تستنفر الاحتلال بعد ربط علبة معدنية داخلها قطعة قماش مغمّسة بمادة قابلة للاشتعال في ذيل الطائرة، ثم إشعالها بالنار وتوجيهها بالخيوط إلى أراضٍ زراعية قريبة من مواقع عسكرية إسرائيلية.
ويربط الشبان استمرارهم في إطلاق الطائرات الورقية والبالونات بسعيهم وراء لفت أنظار العالم إلى الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع الساحلي منذ عام 2007 وما نتجه عنه من تداعيات كارثية على مختلف الصعد الحياتية، رافعين مطلبا واحدا متمثلا برفع الحصار وتوفير مقومات الحياة للسكان الغزيين.

