فلسطين أون لاين

​هل ستنفذ نتائج اجتماعات "تحضيرية الوطني"؟

...
جانب من اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني ببيروت
بيروت / غزة - نبيل سنونو

أسدل الستار على اجتماعات بيروت التي استمرت على مدار الثلاثاء والأربعاء الماضيين، الخاصة بالمجلس الوطني الفلسطيني، بإعلان رئيسه سليم الزعنون، الاتفاق على "ضرورة تنفيذ اتفاقات وتفاهمات المصالحة كافّة بدءًا بتشكيل حكومة وحدة وطنية"، ومواصلة اللجنة التحضيرية عملها لحين انعقاد مجلس يضم كل القوى الفلسطينية، لكنَّ مراقبين لا يبدون تفاؤلهم بإمكانية تنفيذ ذلك على الأرض.

ويستند هؤلاء في عدم تفاؤلهم، إلى أن ما تم الإعلان عنه من نتائج للاجتماعات، هو في جُلِّه متفق عليه سابقًا لكنه لم يجد حيزًا للتنفيذ منذ سنوات، كتشكيل حكومة وحدة وطنية، عدا عن مسائل متعلقة بالتباينات في البرامج السياسية، ومكان عقد المجلس، وتحديد مواعيد لإجراء الانتخابات.

ويسود اعتقاد بأن رئيس السلطة محمود عباس، يستخدم اجتماعات اللجنة التحضيرية، كورقة سياسية داعمة له أمام الدول المشاركة في مؤتمر التسوية الذي نظمته باريس أمس الأحد، على اعتبار أن هذه الاجتماعات ضمت ممثلين عن جميع الفصائل.

ويصف المحلل السياسي جهاد حرب، ما تلاه الزعنون، بأنه "شعارات سياسية تم الحديث عنها سنوات طويلة"، مشيرًا إلى أن قيادات الفصائل إلى جانب أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لم يذهبوا للاجتماعات من أجل الخروج ببيان من هذا القبيل، وإنما للقيام بمهام اللجنة التحضيرية.

ويوضح لصحيفة "فلسطين"، أن هذه المهام تتمثل بتحديد موعد ومكان وتركيبة أعضاء المجلس الوطني، إضافة إلى التفاهم حول البرنامج السياسي مبدئيًا، وهذا لم يتم التوصل إليه، سوى أنه تمت الإشارة من قبل المجتمعين لمجلس وطني جديد، ولذلك دعوا إلى حكومة وحدة.

ويرى حرب أنه "من غير المنطقي الإبقاء على المجلس الوطني القديم الذي له على الأقل في عضويته 20 سنة"، لافتًا إلى أن الدعوة التي جاءت في بيان الزعنون لحكومة وحدة تمثل "هروبًا نحو شعار سياسي"؛ وفق وصفه.

وعقدت آخر دورة لـ"الوطني" في غزة عام 1996، تبعتها جلسة تكميلية عقدت في رام الله بالضفة الغربية في 2009. ويعتبر المجلس بمثابة برلمان منظمة التحرير، ويضم معظم الفصائل باستثناء "حماس" و"الجهاد".

ويلفت إلى أن حوارات المصالحة جارية منذ سنوات، ويدور الحديث خلالها عن حكومة وحدة، لكن ذلك فشل، حتى أن حكومة رامي الحمد الله التي تشكلت في 2014 بموجب إعلان الشاطئ، "لم تنجح"، بحسب حرب.

وتواجه حكومة الحمد الله، اتهامات بالتخلي عن مسؤولياتها تجاه قطاع غزة.

وينص "إعلان الشاطئ" الذي وقعته "حماس" ووفد منظمة التحرير، في غزة في 23 أبريل/ نيسان 2014، إلى جانب تشكيل الحكومة، على "الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة والتفاهمات الملحقة وإعلان الدوحة واعتبارها المرجعية عند التنفيذ"، وأن يوجه عباس دعوة لعقد لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير في غضون خمسة أسابيع من توقيع الإعلان، لكنه امتنع عن ذلك.

ويشير حرب، إلى قضايا أربعة مطلوبة من اللجنة التحضيرية لـ"الوطني"، منها تحديد مكان عقد اجتماع المجلس، مبينًا أن هناك "خلافًا" على ذلك، بين عقده داخل أو خارج فلسطين.

وكان عباس، الذي يتزعم حركة فتح ويتبنى ما يسميه "السلام" كخيار إستراتيجي، قال في كلمة له بمناسبة الذكرى الـ52 لانطلاقة حركته، في 31 من الشهر الماضي، إن هناك مشاورات مع جميع الفصائل والقوى لعقد جلسة لـ"الوطني" في فلسطين خلال أشهر.

ومن القضايا المناطة "بتحضيرية الوطني" أيضًا، والكلام لا يزال لحرب، تركيبة المجلس، موضحا أنه كان "هناك خلاف، أن يتم عقد مجلس وطني جديد أم توسيع المجلس الحالي"، لكنه أشار إلى أن المجتمعين أكدوا على مجلس جديد.

وفي الوقت نفسه، يعتبر أن "من الصعب" إجراء انتخابات، مستندًا في ذلك إلى فشل إجراء الانتخابات المحلية العام الماضي، عدا عن المشكلات التي تواجه إجراء انتخابات في مناطق الشتات.

وكانت محكمة العدل العليا في رام الله، أصدرت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قرارًا نهائيًا بإجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية المحتلة فقط، دون قطاع غزة، وهو ما رفضته حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إذ أكد عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، في تغريدة له عبر موقع "تويتر" آنذاك، أن قرار "العليا" "تسييس للقضاء وتعميق للانقسام".

ويلفت حرب، إلى البرنامج السياسي، قائلا: "رغم الاتفاق على الأهداف لكن الأدوات غير متفق عليها، وهناك إشكاليات متعددة منها ما يتعلق بموقف المجتمع الدولي والاستحقاقات الداخلية التي ستدفعها الأطراف المعنية لصياغة برنامج سياسي".

وبناء على ذلك، يتوقع حرب أن تعقد "تحضيرية الوطني" اجتماعًا آخر، لكنه يستبعد أن يخرج هذا الاجتماع بجديد؛ "إلا إذا جرت أحداث دراماتيكية على ضوء تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وما يتعلق بالقدس، فربما التأزيم السياسي سيؤدي إلى توحيد الأطراف الفلسطينية".

أساس الانقسام

بينما يرى مدير عام مركز "باحث" للدراسات الاستراتيجية، وليد علي، أن الشعب الفلسطيني انقسم منذ اتفاق أوسلو، وليس منذ 10 سنوات، موضحا أن السلطة في رام الله تتمسك بهذا الاتفاق.

وينوه علي، في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، إلى أن الجزء الأساس من أموال السلطة في رام الله هو من الضرائب التي تتقاضاها من خلال سلطات الاحتلال، أو عبر الممولين الأوروبيين، وكل ذلك مبني على اتفاق أوسلو.

وينبه إلى أن اتفاقات عديدة للمصالحة جرت لكنها لم تنفَّذ، مبينًا أن رئيس السلطة "مصمم على أن ينعقد المجلس الوطني في رام الله، وإذا كان من هم خارج رام الله أن يتم الاتصال بهم عبر الفيديو كونفرانس، ليستطيع أن يفرض تغوله على المجلس، كما تغوَّل على حركة فتح"؛ وفق تعبيره.

ويعتبر عليّ أن عباس يستقوي بالسلطة في رام الله ومؤسساتها على منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، ويسعى إلى إعادة إحياء المنظمة تحت كنف السلطة، وليس العكس.

ويُعتقد أن عباس يريد من اجتماعات "تحضيرية الوطني" أن يناور ليظهر أمام مؤتمر التسوية المرتقب في باريس وكأنه يمثل الكل الفلسطيني، مشيرًا إلى أن عباس في نهاية المطاف لن يقول: نعم، لتحقيق مطالب اجتماعات "التحضيرية".

ويشدد عليّ على أن الحد الأقصى الذي يراهن عليه عباس في مؤتمر باريس، هو التزام العالم بقرار مجلس الأمن الأخير الذي أدان الاستيطان الإسرائيلي فيما يعرف بحدود 1967.