فلسطين أون لاين

انتهاكات ضد الأسرى تحت غطاء "قوانين" لا إنسانية

...
غزة- عبد الرحمن الافرنجي

لا يقتصر استهداف الاحتلال الإسرائيلي للأسرى الفلسطينيين على الانتهاكات الجسدية والمعنوية من استخدام أعنف وسائل التعذيب والعزل الانفرادي، واتباع سياسة الإهمال الطبي المتعمد، بل يصل أيضًا إلى إصدار قوانين تعسفية في سبيل التضييق على الأسير الفلسطيني على الصعد كافة.

وشرع "الكنيست" الإسرائيلي خلال السنوات القليلة الماضية 13 قانونًا ضد الأسرى، ودخلت 30 قانونًا مرحلة التشريع قبل التصديق النهائي عليها، فضلًا عن مناقشة الكنيست أكثر من 120 مشروع قانون حتى منتصف 2017م، وذلك وفقًا لتقرير صدر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين.

وبلغت قوانين الاحتلال أعلى درجات العنصرية في الثالث من كانون الثاني (يناير) الماضي، عندما أقر "الكنيست" بالقراءة الأولى ما يسمى "مشروع قانون إعدام منفذي العمليات" الذي قدمه ثلاثة نواب.

وحينها عدت "شؤون الأسرى" القانون الجديد "دليلًا على أن الاحتلال دولة (أبرتهايد) يتحكم بها عنصريون، فالقانون يشرعن للمرة الأولى القتل والاغتيالات والتصفية الميدانية، خلافًا لالتزامات الاحتلال القانونية والدولية، التي تشترط وجود محاكمات عادلة واحترام كرامة الإنسان الأسير".

وكذلك أقرت حكومة الاحتلالقانون التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام، إذ يُمكّن الاحتلال من إجراء التغذية القسرية للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، وقد صدق "الكنيست" عليه في 30 تموز (يوليو) 2015م.

وهذا القانون من أخطر القوانين التي تهدد حياة الأسرى المضربين عن الطعام، فهو بحسب ما ترى اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي واتحاد الأطباء العالمي نوع من التعذيب وتهديد حياة المضرب، وإجراء غير أخلاقي ويتنافى مع الأعراف المهنية والطبية.

وفي المدة نفسها صدق الكنيست على قانون محاكمة الأطفال الذي ينص على إمكانية فرض عقوبة السجن مدة 10 سنوات على راشقي الحجارة، حتى من دون إثبات نية إلحاق الضرر، تبع ذلك إصدار قانون جديد يخصص تشديد العقوبة على راشقي الحجارة من أطفال مدينة القدس المحتلة.

وينص القانون فيما يتعلق بأطفال القدس على سحب مخصصات الأطفال من العائلة وهبات التعليم، وإضافات مالية مثل دعم الشؤون الاجتماعية للأهالي، ومخصصات الإعاقة، وسحب مخصصات التأمين الوطني من أسرى القدس، وإجبارهم على دفع تعويضات للمحتلين.

وفي سياق استهداف الأسرى الأطفال شرعن كنيست الاحتلال قانونًا يجيز محاكمة الأطفال دون الـ14 عامًا، ثم أقر قانون التفتيش الجسدي دون وجود شبهات، الذي يمنح أفراد الشرطة صلاحية إجراء تفتيش جسدي حتى على عابري سبيل غير مشتبهين، تحت حجة مكافحة العنف، وبذلك يصبح كل فلسطيني عرضة للتفتيش الجسدي دون اشتباه ملموس.

وعن مشاريع القوانين التي ما زالت في طور النقاش قبل الانتقال إلى حيز التشريع الملزم قدم عضو الكنيست روبيرت إيلتوف من حزب "إسرائيل بيتنا" مشروع قانون يحرم الأسرى التعليم، إذ ينص على أن الأسير الفلسطيني الأمني ليس من حقه الدراسة في مؤسسة التعليم العالي، ويطالب مشروع القانون بتعديل لوائح السجون بعدم منح الأسرى فرصة التعليم.

وأيضًا صدق الكنيست في حزيران (يوليو) 2017م بالقراءة الأولى على مشروع قانون خصم مخصصات الأسرى وعوائد الشهداء والجرحى من أموال الضرائب، التي يحولها الاحتلال الإسرائيلي للسلطة الفلسطينية، بقيمة المخصصات والإعانات التي تدفع لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى.

وقدم عضو الكنيست "أورون حزان" مشروع قانون يحظر زيارة أسرى فلسطينيين ينتمون إلى تنظيم فلسطيني يحتجز إسرائيليين، ومنع زيارة المحامين ومندوبي "الصليب الأحمر" لهم، ومطلع العام ناقش الكنيست مشروع قانون للكنيست الإسرائيلي يسمح باحتجاز جثامين الشهداء بغرض المساومة والمفاوضات.

"تكريس للهمجية"

بدوره يقول مدير رابطة الأسرى والمحررين صلاح أبو ستة :"الاحتلال الإسرائيلي كان وما زال يمارس انتهاكاته بحق الأسرى الفلسطينيين، تحت غطاء مجموعة من القوانين والتشريعات العنصرية المعادية لأبسط حقوق الإنسان وللقانون الدولي".

ويضيف أبو ستة لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال يخالف في جميع قوانينه اتفاقيات جنيف الأربع، التي تعد الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لديه محميين ولا يجوز قتلهم أو تهديد حياتهم بشكل مباشر أو غير مباشر، وتمنع التعرض لهم بأي أذى"، مؤكدًا أن قوانين الاحتلال تكريس حي لهمجية الاحتلال التي تفوح منها رائحة الإجرام والعنصرية.

ويبين أن الاحتلال يسعى بقوانينه المتعددة إلى وضع الأسرى في إطار ما يسميه "الإرهاب" مع سلب شرعيتهم النضالية والقانونية، كونهم أسرى قاتلوا في سبيل تحرير أرضهم المسلوبة عنوة بقوة السلاح ومن أجل الاستقلال والحرية، وليسوا أسرى جنائيين كما يحاول أن يسوق الاحتلال.

وبحسب إفادة "شؤون الأسرى والمحررين" يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو 6500، موزعين على نحو 22 سجنًا، منهم 350 طفلًا دون 14 عامًا، و48 أسيرًا مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين سنة متواصلة، إلى جانب 37 أسيرًا مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن، فضلًا عن 29 أسيرًا من قدامى الأسرى معتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير والاحتلال في 1993م.