لا يختلف اثنان من العقلاء على عنصرية دولة الاحتلال. لا تستطيع الدول الديمقراطية الغربية أن تدافع عن ديمقراطية ( إسرائيل) كآخر دولة استعمارية في العالم، ولا تستطيع أن تنفي عنصريتها. أربعون في المائة من سكان دولة الاحتلال لا يرون لزوما لقانون ( القومية اليهودية)، وستون في المائة يؤيدون القانون. أي الأغلبية تؤيد القانون رغم أنه يعكس جوهر الدولة العنصرية القائمة على أسس دينية ؟! والأقلية تمارس العنصرية وتعيشها واقعا عمليا بلا قانون، ومن هنا جاء قولها بعدم الحاجة إلى قانون القومية.
المتضرر الرئيس من هذه القوانين العنصرية ذات الأسس الدينية هم المسلمون والنصارى من سكان فلسطين المحتلة. الأضرار التي يمكن أن تلحق بهم، وبمنطقة الشرق الأوسط عديدة، وقد نبهت إليها مراكز الأبحاث، والمقال لا يحتاج إلى عدها وإحصائها.
المقال يريد أن يقف عند واحدة من تجليات هذه العنصرية البغيضة، التي مرت كخبر ربما لم يلتفت إليه الكثيرون في زحمة الأحداث . الخبر يفضح البغي والعنصرية في أهم ساحة من ساحات الدولة، وأعني بها ساحة القضاء، الذي حكم على الشاعرة "دارين طاطور" من الناصرة بالسجن لأنها قالت قصيدة ( قاوم يا شعبي قاوم) ونشرتها على موقعها في الفيس بك حيث تفضح القصيدة جرائم الاحتلال، وقد جاء الحكم تحت دعوى التحريض والإرهاب؟!
لاحظ ، هذه الدولة العنصرية الباغية، التي تزعم أنها واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط لم تحتمل قصيدة شعرية تنتقدها، وتفضح عنصريتها وبغيها ضد المواطن والطفل الفلسطيني. الدولة الباغية ترى في الكلمة الحرة ما يهدد وجودها الهش، لأنه وجود قائم على البغي والعدوان، وعاقبة البغي كما يقولون عاقبة وخيمة.
للأسف لم يلتفت الإعلام الفلسطيني والعربي إلى هذا الحكم الفضيحة، الذي لا نجده إلا في الدول المستبدة، وإلا في الدول العنصرية، بينما لا تحاكم محاكمهم اليهود الذين يدعون بالموت للعرب، والذين حرقوا عائلة دوابشة، والذين استولوا على أملاك المواطنين العرب في القدس. في هذه الدولة التي وصفها بعضهم ببيت العنكبوت، قلق وجودي يجعلها تحاكم شاعرة لأنها قالت أبياتا من الشعر تخالف توجهات الدولة، وتحرض على المقاومة؟! إن دولة تخاف المقاومة، وتخاف الشعر، هي دولة زائلة لا محالة.