لعلها الصدفة وحدها، وعبر خربشات عشوائية أثناء تفريغها لغضب كامن داخل صدرها عبر الورقة والقلم انصدمت بموهبة مختفية، لم تكن تعلم عنها شيئا، ومن هنا بدأت تبحر في مجال الرسم، وعلى وجه التحديد رسم الكاريكاتير، رغم أنه بعيد عن دراستها الأكاديمية وعملها المهني، لتشق لها اسمًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي كواحدة من رسامي الكاريكاتير في صفوف الشباب، خاصة أنها تستغله في الدفاع عن القضية الفلسطينية، إلى جانب اهتمامها بتناول رسومات تعبر عن القضايا الاجتماعية.
موهبة بالصدفة
صفاء عودة من مدينة رفح مخيم الجنينة، (34 عامًا)، حاصلة شهادة البكالوريوس تخصص اقتصاد منزلي، وآخر في" التعليم الأساسي" من جامعة الأقصى، ولم تكتفِ بذلك بل نالت درجة الماجستير بعلم النفس من جامعة الأزهر.
اكتشفت موهبتها عام 2009، حيث بدأت حكايتها عن طريق خربشات للتنفيس عن حالة غضب كانت تعتريها، وتعبر عن ضغوطاتها النفسية، ولكن في السابق لم يكن من ضمن اهتماماتها، لتبدأ بممارسته فيما بعد، وتميل نحو الرسم الكاريكاتيري.
تقول عودة: "قررت خوض غمار المجال، رغم أني واجهت الكثير من الإحباط وأصبت بحالة خيبة أمل، إلا أن عائلتي هي من وقفت بجانبي وشجعتني، خاصة أن البداية دائمًا تكون صعبة، وأحتاج لمن يوجهني ويرشدني، كما أن فن الكاريكاتير ليس له قواعد محددة للرسم والتعلم، بل يمكنك الاستفادة من خبرات فنانين لهم باع طويل في المجال".
كما أن هناك فنانين ومبدعين في مجال الكاريكاتير دائمًا ما تتابع رسوماتهم، وتتعمق فيها، لتتعلم كيفية التعبير عن الفكرة ونقلها للجمهور كأمثال أمجد رسمي، وياسر أحمد، ورسوم الفنان الأندونيسي jitet koestana.
وتضيف: "لم أكتفِ بما اكتشفته من الموهبة بل سعيت إلى تطويرها من خلال متابعة الفيديوهات المتعلقة بهذا النوع من الفن، ومتابعة أعمال فنانين والاستماع لإرشاداتهم، إلى جانب استشارتهم وسؤالهم، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي ونشر ما أقوم بنشره وقراءة التعليقات، وأستفيد من الانتقاد والنصائح الموجه لي".
فن الكاريكاتير
وتوضح أن الفن الكاريكاتيري من الفنون القوية والمعبرة والهادفة والمؤثرة، لما لها من صدى قوي، فهو ليس من السهل لأي شخص أن يخوض هذا المجال لاحتوائه على عناصر مهمة يجب أن يتمتع بها الفنان كي يكون قادرًا على توصيل الفكرة.
وتابعت حديثها: "كما أنه يعتبر من الفنون الراقية، وهو عبارة عن شيفرات وألغاز لا يستطيع أن شخص إتقانه إلا من خلال الاستفادة من تجارب الآخرين، كما أنه يحتاج ممارسه بأن يكون على درجة من الثقافة والوعي، فهو يوصل فكرة ويلخص خبرًا".
وقليلًا ما تتطرق عودة للقضايا السياسية، ففي الغالب يكمن تركيزها على الطابع الاجتماعي بشكل عام من فقر، وبطالة، وهجرة الشباب، والفساد ..الخ، كما تركز أيضًا على قضايا المرأة بشكل خاص.
صفات عدة
وتعتبر نفسها كمرآة تعكس تمامًا ما يعيشه الفلسطيني من أزمات وصعوبات نتيجة الاحتلال والحصار المفروض على القطاع منذ سنوات وذلك من خلال رسوم ساخرة تبرز فيها الجانب الإنساني بشكل بسيط وواضح يسهل على المتلقي أن يستوعب الفكرة.
شاركت عودة بمعارض محلية ودولية، وحصلت على العديد من الجوائز أيضًا المحلية والدولية وآخرها كان من دولة البرتغال.
وتشير إلى أنه من العقبات التي تواجهها أنها رسامة كاريكاتير تركز على القضايا الاجتماعية، وهذا النوع من المجال لا يلقى أي اهتمام من قبل المجلات والجرائد في ظل سيطرة الجانب السياسي.
وتبين عودة أن رسام الكاريكاتير لا بد أن يتمتع بالعديد من الصفات، ولكن هنالك بعض الصفات التي يجب أن يركز عليها الفنان أن يكون إنسانيًا، وعلى مستوى من الثقافة، وأن يكون حياديا وموضوعيا، وتطمح للعالمية، وتسعى جاهدة للوصول لهذا المكان لأنه يحتاج منها الاجتهاد والاستمرارية والشغف.