في منتصف الأسبوع الماضي وتحديدًا صبيحة الاثنين 23 يوليو/ تموز، تفاجأ أهالي مدينة القدس بسقوط حجر صخري كبير من سور حائط البراق (الجدار الغربي للمسجد الأقصى)، حينها قالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إنه سقط بفعل عوامل الزمن، إلا أن مختصين يؤكدون بأن الحجر أسقط عمدا في سياق تهويد الاحتلال القدس وتزوير معالمها.
ويعد سور القدس، الذي يحيط بالبلدة القديمة من الجهات الأربع بطول 4300 متر بمتوسط ارتفاع ما بين 5 و15 مترا بما يتلاءم مع جغرافية المكان، من أبرز المعالم التاريخية على إسلامية مدينة القدس، الأمر الذي جعله في دائرة الاستهداف الممنهج منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين 1948.
وعقب حادث سقوط الحجر الذي يقدر وزنه بما يزيد عن 100 كيلوغرام، منع الاحتلال مختصي ومهندسي دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس من الدخول للموقع للتحقق وفحص ما يجري، مما أثار مخاوف دائرة الأوقاف من أن تتبعه انهيارات أخرى على وقع تزايد عمليات الحفر والتهويد أسفل سور المدينة.
المختص بالدراسات التاريخية للمسجد الأقصى محمد العمري أوضح أن جميع الوقائع الميدانية والدلالات المنطقية تشير إلى أن حجرا سقط بفعل فاعل في ظل عمليات تهويد وتزوير متسارعة يمارسها الاحتلال بحق التاريخ والآثار الإسلامية والعربية في القدس المحتلة لطمس التاريخ وتشويه الحضارة.
وقال العمري لصحيفة "فلسطين": "استولى الاحتلال خلال العقود الماضية على كميات من الحجارة التاريخية من مختلف أنحاء القدس، وذلك لاستبدالها بحجارة تحمل رموزا تلمودية أو لاستخدامها في بناء الكنس اليهودية ثم لإيهام الوفود الخارجية بوجود تاريخ يهودي في المدينة مرتبط بقدم هذه الحجارة".
وأضاف العمري "أزال الاحتلال قبل سنوات إحدى حجارة السور القديم من جهة باب الساهرة المتميز بثراء الزخرفي الإسلامي واستبدله حينها بحجر مرسوم ومنحوت عليه مجسم للهيكل اليهودي المزعوم وعبارات عبرية"، مبينا أن الاحتلال يحاول التغطية على حقيقة مشاريع تزوير هوية أسوار القدس بأنها عمليات ترميم وصيانة.
ويعود تاريخ السور الحالي للأقصى وتحديدا الأجزاء العلوية منه إلى عهد الدولة العثمانية عندما قرر السلطان سليمان القانوني إعادة بناء السور بشكل كامل في محيط البلدة القديمة وفق الصورة الحالية، فاستمر التشييد ثلاثة أعوام بدءا من العام 1535 ميلادي.
بدوره، ربط مدير دائرة الوثائق والمخطوطات في مؤسسة الأقصى ناجح بكيرات بين سقوط الحجر أخيرا من سور حائط البراق، وبين مواصلة جمعية "إلعاد" الاستيطانية حفرياتها الساعية لوصل "الطريق الهيرودياني" أسفل بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى بشبكة "أنفاق حائط البراق" تحت سور الأقصى الغربي.
وقال بكيرات لصحيفة "فلسطين" إن الإشارات التي تظهر على السطح، من سقوط بعض الأشجار المعمرة وظهور حفر في باحات الأقصى فضلا عن تشقق جدران بعض الأبنية، بمثابة دليل على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال أسفل أساسات القدس، بما في ذلك السور التاريخي، مضيفا: "هناك استهداف للبشر والحجر في القدس".
وشدد بكيرات على أن الاحتلال استهدف سور القدس منذ احتلاله للمدينة لصالح عمليات تخريب الآثار الإسلامية والعربية وتزويرها، متسائلا "ما مصير الأحجار التي سيطر عليها الاحتلال بعد هدمه لحارة المغاربة التاريخية بعد بسط سيطرته على كامل العاصمة المحتلة عام 1967؟".
وفي وقت سابق كشف مدير عام دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى عزام الخطيب عن وجود معلومات خطيرة عن حفريات تجري أسفل القسم الشمالي من منطقة المتحف الإسلامي مما يدلل على نشاطات سرية وجهود لربط الأنفاق المتعددة أسفل محيط الأقصى، خاصة في منطقة القصور الأموية أسفل مبنى المتحف الإسلامي.