انتهت جلسات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني برئاسة رئيس المجلس القديم جدا سليم الزعنون بعد يومين من اللقاءات في مبنى سفارة فلسطين في بيروت. كل الحضور يجمعون على أننا في حاجة لمجلس وطني جديد يمثل أطراف العمل الفلسطيني وشرائحه. وكلهم متفقون على آلية الانتخابات حيثما أمكن في الخارج، وآلية التوافق حيثما انعدم الإمكان.( الاتفاق نظري)، والكل المجتمع لا يتفق على برنامج سياسي موحد، ويتفق على تأجيل البرنامج إلى حين تشكيل المجلس الجديد، أي قل الكل متفق على بناء هيكل المجلس نظريا، ومختلفون على رؤية المجلس الوطنية والسياسية، (أي ترحيل المشكل).
إن بناء هيكلية المجلس الوطني الجديد معقد رغم الكلمات الإيجابية التي تحدثت بها الأطراف المشاركة في الاجتماعات، ورغم الإيجابية اللغوية التي يحملها البيان الختامي للاجتماعات، وإن الاختلاف في البنية الهيكلية يرتبط أيضا بالاختلاف العميق في الرؤية السياسية، والبرنامج السياسي الذي يمكن أن يتبناه المجلس الجديد إذا ما كتب له أن يرى النور يوما.
بيان المجلس الختامي أكد على أهمية القدس، وأهمية إنهاء الانقسام، وأهمية تنفيذ جميع اتفاقات وتفاهمات المصالحة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضطلع بممارسة صلاحياتها في جميع أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية بما فيها القدس وفقاً للقانون الأساسي، والقيام بسائر المهام الموكلة إليها بموجب اتفاقيات المصالحة بما في ذلك توحيد المؤسسات واستكمال إعمار قطاع غزة وحل مشكلاته والعمل الحثيث من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والمجلسين التشريعي والوطني. مع دعوة الرئيس محمود عباس إلى البدء فوراً بالمشاورات مع القوى السياسية كافّة من أجل التوافق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية؟!.( كل هذا متفق عليه؟!).
كما اتفق المجتمعون على أن تواصل اللجنة التحضيرية عملها وأن تعقد اجتماعاتها بشكل دوري بمشاركة القوى الفلسطينية كافّة لحين انعقاد المجلس الوطني، وطلبت اللجنة من رئيس المجلس الوطني استكمال الإجراءات الضرورية لإنجاز نظام انتخابات المجلس الوطني.
ليس بعد هذه الإيجابيات من نواقص يمكن الحديث فيها، أو المطالبة باستكمالها، ولكن هل يمكن لأحد أن يضمن تنفيذ ما جاء في البيان الختامي على وجه اللغة التي كتب فيها؟! إن قلنا إنه لا ضامن قذفَنا الآخرون بالتشاؤم، ونحن بلا يمين نتمنى التنفيذ ولو بحده الأدنى، فالكل مستفيد، والوطن مستفيد، ولا يوجد غالب ولا مغلوب، ولكننا حين نتعمق التفاصيل، ونسترجع التجارب السابقة، ونطالب بالتنفيذ الإيجابي لما في البيان، نصطدم بصخرة "نقرأ الوقائع" التي لا تقبل الزحزحة يمينا ولا يسارا، فنعود نضرب كفا بكف للأسف؟!
عادة ما تكتفي القيادة الفلسطينية بانتقاء نقطة أو اثنتين مما جاء في البيان الختامي بحسب ما خططت هي له من اجتماعات اللجنة التحضيرية، بعد أن حصلت قيادة المجلس على شرعية واعتراف من الكل الفلسطيني ، أي تختار ما تريد وتقفز عما يريده الآخرون.
لا يوجد أفق لإعادة بناء المجلس على الوجه الذي تلتقي عنده الأطراف، تماما كما لم يوجد أفق موجب لتنفيذ اتفاقيات القاهرة التي وقعت عليها الأطراف، لذا فإن سؤال الناس لنا يدور حول الواقع العملي، وهل انتهت المشاكل الممزقة للوطن، والقضية؟! متى سنلمس الآثار الإيجابية لما ورد في البيان الختامي للمجلس الوطني.