فلسطين أون لاين

وعليك مراعاة الوقت المناسب

​في الزيارة .. تجنب الأوقات المنهي عنها

...
غزة - هدى الدلو

يقول الله تعالى في كتابه الحكيم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ"، ففي وقتٍ من الأوقات يباغتنا ضيف على حين غفلة دون موعد مسبق، ما يتسبب في إزعاج أهل البيت لأسباب خاصة بهم، وبالتالي قد يتعامل معهم البعض بأسلوب يفتقر إلى الأدب؛ فما أسلوب التعامل في الإسلام مع الزيارات المفاجئة؟

يقول الداعية الإسلامي عبد الباري خلة: "زيارة المسلم لأخيه المسلم من الواجبات، فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"، ولكن على المسلم أن يتأدب بالآداب الشرعية، ويلتزم بالحقوق والواجبات نحو الآخرين".

وأوضح أن من هذه الآداب، استحضار النية عند الزيارة، فعلى الزائر أن يقصد بزيارته وجه الله تعالى، وليحذر الرياء والسمعة، وعدم الإكثار من الزيارة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ".

وأشار إلى ضرورة تجنب الأوقات المنهي عنها في الزيارة وضرورة الاستئذان ومراعاة الأوقات المناسبة، وعلى الزائر أن يتحين الأوقات المناسبة، وتختلف أساليب الاستئذان من زمن لآخر, ففي الزمن الغابر حيث بساطة الحياة وعدم تعقيدها كانت الزيارة بشكلها التقليدي يأتي الزائر إلى بيت المزور ويدق الباب ويستأذن ثلاثًا وإلا رجع.

ونوه خلة إلى أن هذه الطريقة لم تعد ناجحة ولا مريحة لكثيرٍ من الناس، حيث كثرة المشاغل والالتزامات وتعقيدات الحياة، لذا فمن الأفضل والأحوط ألا تكون الزيارة مفاجئة، بل لا بد من الاتصال وأخذ الموعد ولا ينبغي أن تكون الزيارة في أوقات محرجة للزائر، وعليه أن يستخدم الوسائل الحضارية في الزيارة فيستأذن عن طريق الهاتف، أو أي وسيلة من وسائل التواصل المعاصر، فقد لا يكون المزور متمكنًا من الاستقبال أو لم يكن أهله في البيت، أو لأي سبب آخر، لذا فهذه وسيلة متقدمة الإسلام لا يمنعها بل تركها لحاجة الناس وكل ذلك من العرف وهو معتبر شرعًا.

وأضاف: "وهذه هي السياسة العامة في الإسلام وهي وجوب الاستئذان وعدم التنغيص على رب البيت، فإن اضطر المسلم إلى الزيارة المفاجئة فليزر مع كمال الأدب وحسن الأخلاق، والاعتذار من صاحب البيت لهذه الزيارة المفاجئة، وليقض حاجته ولا يثقل ولينصرف من غير أن يثقل على أهل البيت، وعلى أهل البيت أن يستقبلوه ويقبلوا عذره ولا يكن في صدورهم حاجة غير الحب والتقدير".

ونوه خلة إلى أنه لا بد أن تكون الزيارة ذات فائدة، فلا إسراف في الضحك واللهو والعبث أو في السب والغيبة والنميمة، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ، أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ".

وبين ضرورة أن يغض الزائر بصره عن المحارم، وأن يجلس الزائر بإذن من صاحب البيت، وألا يتجسس أو يتلصص على المزور، ولا ينصرف الزائر إلا بعد الاستئذان مرة أخرى، فكما دخل البيت أولًا باستئذان ، فإنه لا يخرج إلا باستئذان، وذلك محافظة على محارم البيت فعن ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم: "إذا زار أحدُكم أخاه فجلس عندَه، فلا يقومَنَّ حتى يستأذنَه"، إضافة إلى الخروج مع الزائر حتى باب البيت.

ولفت خلة إلى أن سبب غياب هذه الآداب لدى بعض الناس قلة الوازع الديني، وابتعادهم عن كتاب الله وسنة رسول الله، ولكن بالرغم من ذلك لا بد من التعامل مع الزائر المفاجئ بأدب وبما يليق من تعاليم الإسلام.