نحن الآن على مسافة 66 عامًا من ثورة 23 يوليو 1952م. هل كانت ثورة أم انقلاب جيش؟! جلّ المؤرخين يعدونها انقلابًا عسكريًا أبيضَ. ما تبقى من الثورة أو الانقلاب هو يوم الذكرى، والإجازة، والاحتفالات الباهتة؟!
حين قامت الثورة زرعت في نفوس المصريين والعرب آمالا عريضة، بالعدالة والديمقراطية والنهضة، والجيش القوي، وتحرير فلسطين. عاش المصريون والفلسطينيون على هذه الآمال العريضة لسنوات طويلة، حتى كانت نكسة 1967م، التي شهدت أسوأ هزيمة للجيش المصري، ولعنترية عبد الناصر التي أسرت النفوس وزلزلتها، وقربت لها المستحيل؟!
لم تحقق الثورة أيا من أهدافها الكبرى، لا على مستوى النهضة، ولا العدالة، ولا الجيش، ولا التحرير، وتراجعت مصر للأسف القهقرى، وتراجعت معها أمال الفلسطينيين والعرب أيضا. والمؤسف أن من جاؤوا بعد حكم عبد الناصر لم يكونوا خيرًا منه، لا لمصر، ولا لفلسطين، مما أتاح الفرصة لـ(إسرائيل) أن تسود في المنطقة، وأن تفرض شروطها، وأن تتحول إلى دولة مقررة، تلهث أنظمة عربية لنيل ودها ورضاها.
ثورة اليابان كانت مع الثورة المصرية زمنيًا. ثورة اليابان حققت أهدافها ببناء أفضل نهضة صناعية واقتصادية في العالم، وأرست قواعد للعدل والديمقراطية، وصار شعبها مضرب المثل في النظام، وفي العلم، وفي الاختراعات الدقيقة العجيبة، بينما مصر تلهث خلف الغرب تطلب المساعداته المالية؟!
يقول الخبراء: إن الفارق بين الثورة اليابانية، والثورة المصرية، أن اليابان استثمرت في الإنسان، بينما حطمت الثورة المصرية الإنسان، وجعلت أمن السلطة الحاكمة فوق الإنسان، وفوق العلم، وأقامت دولة الضباط، وأسقطت دولة الشعب. إنه وبسقوط دولة الشعب تراجع الأمل الفلسطيني بالتحرير بقوة الفعل العربي، حتى فجعنا اليوم بأنظمة عربية تعلن تحالفها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتهرول للتطبيع معها، وتنعت الفلسطينيين بكل نقيصة. واقع وتاريخ مؤسفان.