لم تكتف سلطات الاحتلال الإسرائيلي ببسط نفوذها على الأراضي الفلسطينية ونهبها بل تسعى جاهدة من أجل تغيير ملامحها الجغرافية، في محاولة منها لتزييف التاريخ وطمس الهوية لأرض فلسطين.
فبعد احتلالها لما تبقى من الأراضي الفلسطينية عام 1967، واصلت زحفها وعمدت إلى تهجير وطرد أبناء الشعب الفلسطيني من القرى والمدن والتجمعات التي يقيمون فيها، وطال الأمر هذه المرة تجمع الخان الأحمر الذي يقف في مواجهة محاولات (إسرائيل) تهجير سكانه لتنفيذ مشروع "E1" الاستيطاني.
والخان الأحمر تجمع فلسطيني يقع بين شرقي مدينة القدس المحتلة والبحر الميت، وتبلغ مساحته أكثر من 100 الف دنم، ويحده من الجهة الجنوبية مدينة بيت لحم، ومن المنطقة الشمالية غور الأردن.
وسمي التجمع بـ"الخان الأحمر" نسبة إلى "خان عثماني" وقلعة "بنيتا" التي شيدت في القرن السادس عشر، وأقيمت القلعة لحراسة الطريق الرومانية – الأموية التي تربط بين القدس وأريحا والأردن والتي عرفت بطريق الغور.
"وبني الخان على انقاض دير بيزنطي في القرن الخامس الميلادي، وإلى الغرب من هذا الخان سهل تتميز جزء كبير من تربته بالحمراء، لذلك سمي بالسهل الأحمر وسمي الخان باسم الأراضي ذات التربة الحمراء، وفق معلومات تاريخية.
مشاريع استيطانية
وأكد الخبير في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أقامت على تجمع "الخان الأحمر" عددًا من المستعمرات الضخمة كـ"معالي أدميم وميشور وكفار أدوميم".
وقال حنتش، في حديث لصحيفة "فلسطين" إن سلطات الاحتلال تعمل جاهدة للاستيلاء على تجمع الخان الأحمر بغرض تنفيذ المشروع الاستيطاني المسمى "E1" من أجل تنفيذ الفصل الكامل لمدينة القدس المحتلة.
وبين أن الاحتلال يحاول تهجير سكان التجمع، وإقامة مشاريع استيطانية ضخمة فيها، مبينًا أن الاحتلال صادر نحو 12440 دنما منها في وقت سابق، من أجل تنفيذ مشاريعها ويسعى لتفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني، كجزء من مشروع لفصل جنوب الضفة عن وسطها والانقضاض على مدينة القدس.
ويعمل أهالي تجمع الخان الأحمر، المعروف بصحراء الضفة الغربية، بمهنة الرعي، وفق مدير عام الدائرة القانونية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عائد مرار.
وبين مرار لصحيفة "فلسطين" أن البدو سكنوا "الخان الأحمر" عام 1952 قادمين من صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة عام 1948 بعد رفضهم الخدمة في جيش الاحتلال، ويقيمون في بيوت من "صفيح " –الزينكو-.
وذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمرت السكان في الثاني عشر من شباط/ فبراير الماضي، بإخلاء 40 مسكنًا ومسجدًا ومدرسة، تمهيدًا لهدمها, الأمر الذي رفضه الأهالي.
ومن أبرز العائلات التي تسكن "الخان الأحمر"، بحسب مرار، هم الجهالين وأبو داهوك، ويملك أرض القرية عدد من سكان قرية عناتا الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة القدس المحتلة.
وأوضح مرار، أن الاحتلال يستهدف كافة التجمعات الفلسطينية في محاولة منه للسيطرة على القدس واستغلال الأرض الفلسطينية لإقامة مشاريعه الاستيطانية في المنطقة.
وفي مايو/ أيار 2018، صدقت محكمة الاحتلال العليا على أمر الهدم، وفي 4 يوليو/ تموز 2018 اشتد الخناق على التجمع وحوصر.
ورقة بحثية
من جهتها، أصدرت مؤسسة القدس الدولية، مؤخرًا، ورقة بحثية تحت عنوان "تجمّع الخان الأحمر شرق القدس في مواجهة التّهجير".
وتتناول الورقة مجريات الأحداث في التجمع وأطماع الاحتلال الإسرائيلي في تهجير أبنائه بهدف ربط الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية بالقدس المحتلّة وفصل شمال الضفة عن جنوبها.
وبينت الورقة أن المحكمة صادقت في 24/5/2018 على قرار هدم الخان الأحمر، وقالت في قرارها إنها لا تجد سببًا كي تتدخل في قرار وزير جيش الاحتلال لتنفيذ أوامر الهدم الصادرة ضد الخان الأحمر، وقد بنيت القرية من دون ترخيص فيما سيُنقل السكّان إلى مكان آخر.
ويفتقر "الخان الأحمر" وفق مؤسسة القدس الدولية، إلى الخدمات الأساسية كالطرقات والكهرباء ونظام الصرف الصحي، وغيرها من الخدمات.
وفي 5 يوليو/ تموز 2018، استصدر أمرا احترازيا جديدا بوقف الهدم، ويقتصر ذلك على هدم مدرسة الخان الأحمر التي تحتضن 180 طالبًا وطالبة.