حالة من الهستيريا تنقلها وسائل الإعلام الإسرائيلية في سياق نقل الحرائق التي تحدث فيما تعرف بمناطق غلاف غزة، والتي أتت على عشرات الآلاف من الدونمات الزراعية، بفعل الأطباق الطائرة التي تخرج من قطاع غزة، وهي أهم وسيلة سلمية يستخدمها الشبان الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال.
الاعتبارات التي دفعت الشبان لإطلاق هذه الأطباق هي الرد على الجرائم التي ارتكبها الاحتلال تحديدًا منذ 30/3 وبلغت ذروتها في 14/5، حيث واجه الاحتلال هؤلاء الشبان العزل بالرصاص وقنابل الغاز وقتل ما يزيد عن 140 فلسطينيا مدنيا ، وهو حق مشروع للشبان في مواجهة الاحتلال.
حالة المبالغة التي يظهرها الاحتلال وعملية التحريض والتجييش التي يقوم بها المستوطنون هي مفتعلة ومبالغ فيها، ليس لأنها لا تتسبب بخسائر مادية، بللمحاولة الاحتلال والمستوطنين مواجهة أي محاولة فلسطينية لتذكير العالم بجرائم الاحتلال،وأن هذه الأراضي هي محتلة ويطالب أصحابها بالعودة لها، وأن مشاريع التسوية ومحاولات طمس الهوية الفلسطينية فشلت وآخرها ما تعرف بصفقة القرن التي يتبناها الرئيس الأمريكي ترامب.
منذ البداية ما زالت هذه الأساليب سلمية في مواجهة الاحتلال, ومطالبته برفع الحصار عن قطاع غزة، وأن المطالبات بوقفها ستواجه بصعوبات كبيرة، وأنها وسيلة سلمية للتعبير عن الاحتجاج في وجه الاحتلال، ويقر كافة النشطاء المحليين والدوليين والحقوقيين والمؤسسات الدولية بأحقية الفلسطينيين في استخدامها لمواجهة الاحتلال.
المبالغة التي يسوقها الاحتلال من أجل استهداف الشبان والدعوات لاغتيالهم ستكون سببا اضافيا لقيام الشبان بإطلاق المزيد منها وتوسيع دائرة استخدامها باعتبارها الوسيلة السلمية الأكثر نجاعة, في يد الشبان لمواجهة الاحتلال، وهو وحده من يقع على عاتقه التفكير في كيفية فك حصار قطاع غزة, وليس التفكير في كيفية مواجهته، وفي اللحظة التي يفك الحصار سيجد أنها قد توقفت، وهو مطلب يكاد يجمع عليه جميع المتابعين والمهتمين.
الحديث الإسرائيلي المبالغ فيه حول إمكانية نشوب حرب بسبب الأطباق الطائرة هو مستبعد في هذه المرحلة، لغياب المبرر القوي في مواجهة وسيلة يعرف الجميع أنها سلمية ولا تمثل مبررا لشن حرب، على الرغم من أن الاحتلال لا يتورع عن ارتكاب الجرائم وقتل المدنيين كما حدث مع الأطفال في متنزه الكتيبة، أو إصابة بعض الأطفال من مطلقي البالونات.
(إسرائيل) ما زالت غير راغبة في الحرب والمواجهة لأنها تعرف أنها ستكون طاحنة وستخسر فيها الكثير وتجر لمواجهة أيضًا لا تريدها حماس، لكن لا تخشاها في ظل غياب الأفق السياسي وتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية وتشديد الحصار، لكن سياسة السير إلى الهاوية الإسرائيلية تجعل من البالونات الحارقة هدفا لإشعال الحرب، بدلًا من أن تكون وسيلة احتجاجية في وجه الحصار، وهناك يتوجب الوصول لحل منطقي وهو وقفها مقابل فتح العابر وفك الحصار.