تتحدث الصحف العبرية عن سيناريوهات مواجهة حماس والطائرات الورقية الحارقة، فتذكر بلغة التهديد والوعيد سيناريو إعادة احتلال غزة وإسقاط حكم حماس، وتدعو ليفني إلى احتلال غزة دون البقاء فيها وتحمل عبء حياة السكان، وكأن غزة لا إرادة ولا رأي لها؟!
في ضوء التصعيد العسكري الأخير يسأل الناس: أين نحن ذاهبون؟ وما هو المتوقع والقادم؟ وبعض الإجابات تتخلص من السؤال بالتوكل، وإرجاع الأمر لله، فقد ملّوا من ثقل التفكير. وبعضهم يستبعد أن تقوم ( إسرائيل) باحتلال القطاع، وعندهم الحجج المقنعة، ومنها أنها (ما صدقت تتخلص من القطاع)، ولن تعود إلى أزقة غزة، ولن تعرض جنودها لرصاص المقاومة من نقطة الصفر.
إن غزة لها إرادة ولها رأي، ولن تكون لقمة سائغة لجيش الاحتلال الموصوف بالجبن والبخل، وقد جرب جيش الاحتلال بأس المقاتل الفلسطيني وشدته، رغم الفارق الهائل في العتاد والعدة.
غزة ليس لديها ما تخسره حين يخطئ المحتل بحماقة الحرب عليها، بل ربما تنظر غزة إلى الحرب التي لا تتمناها على أنها بداية الفرج، والخروج من الأزمات المتراكمة.
حين يتحدث الاحتلال عن إعادة احتلال غزة تخويفًا وترهيبًا، فإننا نتحدث في المقابل، أو يجدر بنا أن نتحدث في المقابل عن زوال دولة الاحتلال، لأنها دولة بغي وظلم، ولا تملك مبررات البقاء الدائم، وهذا أيضًا ما تتحدث عنه مصادر يهودية ومصادر غربية إضافة إلى حتمية زوالها بالنص القرآني.
إن زوال دولة الاحتلال رهن بزوال بعض أنظمة الحكم العربية. بعض الأنظمة العربية تمدّ دولة الاحتلال ببلسم البقاء والعلو. بعض أهل العلم والإيمان ذهبوا إلى تحديد زمن محدد لزوال دولة الاحتلال عن الوجود. الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ربط زوال إسرائيل بزوال أنظمة عربية جبرية ظالمة من الوجود. المنطق والواقع يقول بما قاله الغزالي رحمه الله: ذلك أن نصر الله لا يتنزل على عصاة يتاجرون بالشعوب ويهينون دينهم، ويذلون شعوبهم.
حين نجح الربيع العربي في تونس ومصر لبعض الوقت وضعت (إسرائيل) يدها على رأسها، وشعرت بما يهدد وجودها فعلًا، حتى كان ما كان من تآمر على ثورة الشعوب، فتنفست الصعداء، ولكن الثورات قادمة، وإرادة الشعوب في التغيير ستنتصر لا محالة.
الشعب الفلسطيني دفع ضريبة باهظة من أجل الحرية واسترجاع وطنه، وسيصل إلى ما يريد بعز عزيز أو بذل ذليل، وما دماء الشهداء إلا مهر طبيعي للحرية والنصر القادم بإذن الله.