مائة يومٍ مرت على انطلاق مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، ولا تزال شرارتها مشتعلة حتى الآن، وحجم التفاعل يزداد معها يومًا بعد يوم، باستخدام أدوات سلمية وشعبية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، الذي استخدم في قمعها النار وارتكب جرائم أسفرت عن استشهاد وإصابة آلاف المواطنين.
ومنذ انطلاق مسيرة العودة في 30 مارس/ آذار المنصرم، وضعت الهيئة الوطنية العليا المكونة من مختلف فصائل وشرائح المجتمع الفلسطيني، عدة أهداف لتحقيقها، فهل تم تحقيق المراد بعد مرور المائة يوم؟
مختصان في الشأن السياسي، أفادا بأن المسيرة حققت جزءًا كبيرًا من الأهداف التي وضعت لها منذ انطلاقها، وهي إعادة إحياء القضية الوطنية للشعب الفلسطيني من جديد.
وقال الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان، إن مسيرة العودة حققت معظم أهدافها، حيث استطاعت إعادة معادلة الصراع إلى جذورها التاريخية وحقيقة اقتلاع الشعب الفلسطيني من أراضيه على يد المجموعات الصهيونية عام 1948.
وأوضح أبو رمضان خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن قرار الأمم المتحدة "194" المتعلق بعودة اللاجئين الفلسطينيين، لم ينفذ بفعل الصلف والعنجهية الإسرائيلية المدعومة بصورة استراتيجية من الولايات المتحدة، وأن ذلك بات واضحًا أمام العالم للضغط بتنفيذ هذا القرار.
وذكر أن المسيرة سلّطت الضوء على معاناة أكثر من 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة يعيشون ظروفًا صعبة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ 12 عامًا.
وعدّ استخدام الوسائل الشعبية "وسيلة سلمية يجب الاستمرار بها، وعدم الانجرار لأي شكل من أشكال المواجهة العنيفة مع الاحتلال"، مضيفًا: "في حال اندلاع مواجهة عنيفة، فإن (إسرائيل) ستستغلها أبشع استغلال لتحقيق ارتدادات إعلامية وسياسية وقانونية ضد المسيرة الشعبية السلمية".
3 مستويات
ويتفق المحلل السياسي د. محمود العجرمي، مع سابقه حول تحقيق مسيرة العودة لجزءٍ كبير من أهدافها التي وضعت.
ورأى العجرمي لصحيفة "فلسطين"، أن المسيرة قد حققت أهدافًا على ثلاثة مستويات، محلي وإقليمي ودولي.
فعلى المستوى المحلي، والكلام للعجرمي، فإن مسيرة العودة "استطاعت توحيد الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ونبذ كل أوهام أصحاب العملية السياسية العبثية على الأرض، وكل السيناريوهات المرسومة لخطة صفقة القرن".
وعلى المستوى الإقليمي، فقد أنهت مسيرة العودة ما أسموه بالحل الإقليمي العربي، وإنهاء المخطط التآمري على القضية الفلسطينية، الذي تشارك فيه بعض الدول العربية المُطبعة مع الاحتلال، وتنفذ قرارات الولايات المتحدة في المنطقة، وفق العجرمي.
وفيما يتعلق بالمستوى الدولي، والحديث للعجرمي، فإنها وضعت القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال دول العالم، إلى جانب اجتماعات الجمعية العمومية ومجلس الأمن والجامعة العربية لبحث قضايا قطاع غزة.
وحول حجم التفاعل مع المسيرة بعد مرور مائة يوم على انطلاقها، قال العجرمي، إنها لا تزال تتميز بالزخم، حيث تشارك الجماهير الفلسطينية في كل جمعة من مختلف الفئات والأجيال، ويواصلون تضحياتهم.
وهو ما أيده المحلل السياسي أبو رمضان، الذي قال إنه لا يزال هناك تفاعل مع المسيرة، وتزداد درجته وفق الظروف والمناسبات، معتبرًا أنه خلال المائة يوم استطاعت المسيرة إيصال رسالة للمجتمع الدولي والاحتلال وكل بلدان العالم بضرورة الاستجابة لنضالات الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة.
وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني أبدع في الطابع الشعبي والسلمي طيلة هذه المدة، في استخدام وسائل مختلفة مثل الأطباق الحارقة والفعاليات الثقافية والمجتمعية التي تجري على خطوط التماس مع الاحتلال.
ولفت إلى إجماع الفلسطينيين على المسيرة لمقاومة الاحتلال وهي "مشروعة" وفق القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وصولًا لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة.