يبدو أنه بعد فشل جيش الاحتلال في مواجهة الطائرات الورقية الحارقة، والبالونات الحارقة، التي يطلقها صبية غزة من الحدود الشرقية للقطاع، اتجهت حكومة جيش الاحتلال إلى سياسة مزدوجة لتحقيق الهدف بأقل التكاليف. السياسة المزدوجة تقوم على قاعدتين: الأولى تضخيم الأضرار الإسرائيلية المترتبة على الطائرات الحارقة، واتخاذها مبرّرًا أمام العالم لإغلاق معبر كرم أبو سالم، وتشديد الحصار على غزة. والقاعدة الثانية تقوم على جرّ قطاع غزة إلى حافة الهاوية، من خلال التهديد بحرب واسعة النطاق في غزة، ربما تصل لحدّ إعادة احتلال غزة، وإسقاط حكم حماس، ويرافق هذه التهديدات تكثيف قصف الطيران الإسرائيلي لمواقع مختارة في القطاع.
التهديد بحرب وشيكة الوقوع أمر يتكرر في التسريبات الإعلامية العبرية، القريبة من أجهزة المخابرات، مع أن الواقع الميداني يشير إلى عكس ذلك، حيث تشعر حكومة العدو براحة من استمرار حالة التهدئة، ومن رغبة حماس بالعبد عن الحرب الموسّعة، واتجاه حماس وغزة نحو النضال السلمي، من خلال المظاهرات.
تحاول (إسرائيل) من خلال سياسة حافة الهاوية الضغط على حماس لوقف المسيرات الشعبية نحو الحدود الشرقية، ووقف الطائرات الورقية الحارقة، ويبدو أن حماس وفصائل المقاومة تدرك جيدا ما تريده حكومة نتنياهو من سياسة حافة الهاوية، ومن سياسة تشديد الحصار على غزة، لذا تجد حماس وفصائل المقاومة تردّ على القصف بالقصف، وترفض منع الشباب والصبية من ممارسة حقهم في المقاومة من خلال الطائرات الورقية، التي يعتبرها القانون الدولي من الوسائل المدنية السلمية، حتى ولو كانت تحمل شعلة نارية حارقة.
لا يمكن لمستوطنات غلاف غزة أن تهدأ، وأن تعيش حياة مستقرة، ما دامت غزة لا تنعم بالاستقرار، ولا تنعم بالأمن والأمان. غزة في حاجة لرفع الحصار، وفي حاجة لمجموعة من الإجراءات العاجلة لتسهيل حياة السكان، وعلى سكان غلاف غزة أن يضغطوا على حكومتهم لرفع الحصار، ووقف تجاهلها لمعاناة سكان الغلاف، لا سيما المعاناة النفسية، والمادية المتمثلة في غياب الحياة اليومية الطبيعية للسكان. سياسة حافة الهاوية، وسياسة تشديد الحصار، لن تردع مسيرات العودة، ولن تردع الفلسطيني من ممارسة حقه في مقاومة الاحتلال بالوسائل الممكنة والمتوافرة له.