فلسطين أون لاين

​القطاع يحتاج لمشاريع إنتاجية وتدفقات مالية وفتح للمعابر

تخوف فلسطيني من أجندات سياسية وراء مقترحات إنعاش اقتصاد غزة

...
غزة/ رامي رمانة:

يُساور القلق أوساط المسؤولين والمراقبين الاقتصاديين من أن تحمل التوجهات الدولية لعتق "رقبة غزة" من مقصلة الضغوطات الاقتصادية، "حملًا كاذبًا"، يخفي أجندات سياسية لتقويض القضية الفلسطينية أو تمرير ما يعرف بـ"صفقة القرن".

وأكد هؤلاء في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين" أن أي توجه حقيقي لإنعاش قطاع غزة اقتصاديًا لا بُدّ وأن يأخذ في الاعتبار تنفيذ رزمة كبيرة من المشاريع الإنتاجية، وتدفقات مالية، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وإقامة محطات لتحلية مياه البحر وتوليد الطاقة، وتسهيل الحركة التجارية عبر المعابر.

ويتداول في الوقت الراهن مسؤولون أمميون ودوليون مقترحات وخطوات لإنعاش قطاع غزة اقتصاديًا في ظل تعثر الجهود السياسية.

المختص في الشأن الاقتصادي د. نصر عبد الكريم يؤكد أحقية قطاع غزة في تخليصه من واقعه الاقتصادي المأزوم منذ سنوات عديدة، مشددًا على أن ذلك يجب أن يتم في إطار التوافق الفلسطيني الفلسطيني خشية تمرير أجندات خفيفة تؤثر في مسار القضية.

وقال عبد الكريم: "نخشى أن تُقدم مبادرات اقتصادية لقطاع غزة تحمل مضمونًا سياسيًا خفي يرنو القائمون عليه تمرير صفقة القرن وأخذ قطاع غزة بمعزل عن التئامه بالضفة الغربية".

ورغم إبداء مدير عام الدراسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد الوطني د. أسامة نوفل لتلك المخاوف، إلا أنه يؤكد في الوقت نفسه أن قطاع غزة فعلًا منهار اقتصاديًا وأنه بأمسّ الحاجة إلى مشاريع إغاثية وإنتاجية، توفر فرص عمل، وتغطي السوق المحلي من احتياجاته.

وشدّد نوفل على ضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي من أجل فك القيود المفروضة على العمليات المصرفية في قطاع غزة لتسهيل المعاملات المالية للمؤسسات والأفراد، ولإفساح المجال أمام اصحاب رؤوس الأموال الفلسطينيين والعرب توجيه استثماراتهم نحو قطاع غزة.

وأشار نوفل إلى دور الحراك الدولي "ارفعوا العقوبات عن غزة" في إيصال معاناة سكان القطاع إلى الخارج واحراج السلطة على المستويات العربية والدولية، حاثًّا في الوقت ذاته، الجانب المصري على إبقاء معبر رفح البري مفتوحًا للأفراد، وتسهيل التبادل التجاري عبر بوابة صلاح الدين بين الطرفين.

من جانبه، أكد أمين صندوق اتحاد الصناعات الفلسطينية وضاح بسيسو، أن مؤسسات القطاع الخاصّ في غزة التي كانت تعتبر عنصرًا رئيسًا مساندًا للقطاع العام، أصبحت تئن وتواجه العثرات وأن يتوجب أن توجه لها المؤسسات الدولية الدعم لمساعدتها على النهوض مجددًا.

ودعا بسيسو الحكومة والدول المانحة إلى تنفيذ برامج لتطوير القطاع الخاص في غزة، والإسراع في صرف التعويضات المالية عن الأضرار التي لحقت بهم في الحروب السابقة.

كما دعا إلى مساعدة القطاع الخاص لأجل إيصال منتجاته إلى الأسواق الخارجية وتسهيل عمليات الاستيراد للمواد الخام خاصة المحظورة إسرائيليًا.

وأكد ضرورة إفساح المجال للتجار ورجال الأعمال التنقل عبر المعابر للوصول إلى الأسواق الخارجية وابرام صفقات تجارية جديدة.

وتخطت نسبة البطالة في قطاع غزة 46%، إلى جانب ارتفاع معدلات الفقر لتتجاوز 65%، وارتفاع نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في قطاع غزة 50%.

برامج مستدامة

وأكد المدير العام للإرشاد والتنمية في وزارة الزراعة نزار الوحيدي، أهمية توجيه البرامج الإغاثية الطارئة والمستدامة في المجال الزراعي.

وقال الوحيدي: إن قطاع غزة بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية للقطاع الزراعي من مياه وكهرباء وطرق مواصلات، وإعادة تأهيل البنية التحتية للمختبرات وتطويرها.

وأشار إلى أن غزة بحاجة أيضًا إلى تطوير مصادر الطاقة وعلى رأسها تشغيل الآبار بالطاقة الشمسية وتزويد قطاع غزة بمذابح حديثة ومصانع تجميد وحفظ الإنتاج، وتطوير قطاع الصناعات الغذائية لاستيعاب الفائض من الإنتاج.

وشدد الوحيدي على ضرورة الاهتمام بالمناطق الزراعية الحدودية التي تقدر بـ22500 دونم، وتعد من المناطق الخصبة وسلة غذائية خضراء.

ويحتاج قطاع غزة إلى تنفيذ مشاريع تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الخزان الجوفي من ارتفاع نسبة الملوحة والنيترات لمستويات مخالفة للمواصفات.

وبينت سلطة المياه أن الخزان الجوفي المصدر الرئيس للمياه في قطاع غزة يعاني من استنزاف واضح، حيث طاقته الطبيعية المتجددة لا تزيد على 50-60 مليون متر مكعب سنويًا بينما ما يتم استخراجه يصل إلى ما يزيد على 200 مليون متر مكعب سنويًا.

كما أن متوسط نصيب الفرد من المياه (للأغراض المنزلية) يقدر بحوالي 80 لترًا في اليوم، وهذا لا يتوافق مع الحد الأدنى لمعايير منظمة الصحة العالمية التي تتحدث عن حد أدنى لا يقل عن 150-100 لتر.

وفي السياق، أكد أمين سر اتحاد الصناعات الإنشائية محمد العصار، على مطالبهم بإلغاء ما يعرف بآلية "روبرت سيري" لفشلها وإعاقتها إعادة إعمار قطاع غزة.

وطالب العصار بضرورة توجيه الاستثمارات الفلسطينية والعربية إلى قطاع غزة، لدورها الرائد في إنعاش القطاعات الاقتصادية وتشغيل الأيدي العاملة.

وحث المصارف المحلية على تقديم قروض ميسرة لإقامة مشاريع إنتاجية صغيرة تُدر دخلا للأفراد والأسر.