واجه المواطنون في قطاع غزة "صفقة القرن" الأمريكية وقنابل الغاز والصوت والرصاص الحي، بالوحدة في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية شرق قطاع غزة، أمس.
جنود الاحتلال المتمرسون خلف السياج الفاصل بأسلحة تقليدية وغير تقليدية، استهدفوا بالرصاص الأطباق الورقية والبالونات التي حملت رسالة لدونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، برفض "صفقة القرن"، فضلاً عن استهدافهم المشاركين في المسيرة السلمية.
وتنافس مشاركون في المسيرة، في إطلاق البالونات والأطباق باتجاه الأراضي المحتلة سنة 1948، بالجمعة الـ15 للمسيرة.
ومع حلول ساعات العصر، توافد عشرات آلاف الفلسطينيين، من الرجال والشيوخ والشباب والأطفال والنساء، إلى خيام العودة شرق القطاع، للمشاركة في فعاليات المسيرة، بينما كانت قوات الاحتلال تتربص بهم.
وشهدت المنطقة حركة نشطة لسيارات الإسعاف التي كانت تنقل المصابين. وبحسب وزارة الصحة في غزة، استشهد مواطن وأصيب 396 آخرين، جراء استهدافهم من قبل قوات الاحتلال شرق القطاع.
واستمر مشاركون في المسيرة السلمية، بإشعال إطارات السيارات "الكاوشوك" في منطقة السياج الفاصل، حيث كان بالإمكان مشاهدة السحب السوداء.
وحملت فعاليات مسيرة العودة أمس، اسم "موحدون من أجل إسقاط الصفقة وكسر الحصار".
وتعد الإدارة الأمريكية ما يعرف بـ"صفقة القرن"، التي يؤكد الفلسطينيون أنها ترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية. واعترف دونالد ترامب بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لكيان الاحتلال الإسرائيلي في ديسمبر/كانون الأول 2017.
وقال الطفل ياسر خلف (15 عاما) لصحيفة "فلسطين"، إن البالونات التي تحمل رسالة رفض صفقة القرن "ترعب" جنود جيش الاحتلال المدججين بالسلاح.
ووصف خلف، وهو لاجئ ينحدر من قرية الفالوجة، جنود الاحتلال بالجبناء، مبدياً ثقته بأن صفقة القرن ستسقط.
وأوضح أنه لا بد من المشاركة في مسيرة العودة لتحقيق النجاح في إسقاط هذه الصفقة.
كما أبدى الشاب مصطفى حلس (18 عاماً) ثقته على قدرة الفلسطينيين على إفشال صفقة القرن والانتصار على الاحتلال عبر وحدة الشعب الفلسطيني.
وقال لصحيفة "فلسطين"، إن جنود الاحتلال الذين يمتلكون كل أنواع الأسلحة يخافون لأن هذه الأرض ليست لهم.
وأكد أن المسيرة نجحت في تعزيز وحدة الفلسطينيين، الذين وصفهم بأنهم يد واحدة في مسيرة العودة.
وأعرب حلس، الذي ينحدر من قرية هربيا، عن أمله في أن تؤدي مسيرة العودة إلى تحقيق المصالحة الوطنية.
وقال إن الفلسطينيين يتمسكون جيلاً بعد جيل بأرضهم وحقوقهم.
وعلى بعد مئات الأمتار من السياج الفاصل شرق غزة، كانت إحدى المواطنات التي فضلت عدم كشف اسمها، برفقة ابنتها، التي ارتدت كمامة تجنبا لاستنشاق الغاز المسيل للدموع، تشاركان في فعاليات مسيرة العودة.
وقالت الوالدة لصحيفة "فلسطين"، إن المشاركة في مسيرة العودة شكل من أشكال التعبير عن الرأي، إزاء ما يحيط بالفلسطينيين من أحداث، وضد ما يحاك من "المؤامرة" بحقهم.
وشددت على تمسك الشعب الفلسطيني، ولاسيما أطفاله، بحق العودة والحق في القدس عاصمة فلسطين، التي لا يمكن أن يتنازل عنها حتى طفل فلسطيني في حضن أمه، قائلة: "هذا حقنا لا يمكن أن نتنازل عنه مهما تكالبت علينا القوى الداخلية أو الخارجية".
وأوضحت أن الشعب الفلسطيني موحد في مسيرة العودة بغض النظر عن الانقسام.
وأشارت إلى أن اصطحابها أبناءها للمشاركة في المسيرة، يهدف إلى توعيتهم بأنه حتى لو استشهد الكبار، فإن الأطفال باقون في أرضهم، ولن يتنازلوا عنها.
وعن استخدام الاحتلال للعنف بحق المشاركين في المسيرة، تممت: "لست متخوفة، نحن شعب لا يرهبنا لا غاز ولا قنابل ولا أي شيء. نحن لدينا عقيدة وإيمان ثابت بأنه لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".
وانطلقت مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية في 30 مارس/ آذار الماضي تزامنا مع الذكرى الـ42 لأحداث يوم الأرض، لكن مواجهة الاحتلال لها بالعنف أسفرت عن استشهاد وإصابة آلاف الفلسطينيين شرق القطاع، بينهم صحفيون ومسعفون.
ومن المقرر أن ينتظم الفلسطينيون في مسيرات حاشدة في 13 من الشهر الجاري، بـ"جمعة الـ100 يوم على المسيرة"، ووفاء لأهالي تجمع الخان الأحمر في شرقي القدس، الذين يمارس الاحتلال بحقهم جريمة حرب، متمثلة بالتهجير القسري.

