فلسطين أون لاين

المشهد السياسي في حالة ضبابية..

من يدير السلطة "عباس" أو المحيطون به؟

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

في حال شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينية سواء لمرض يمنعه عن القيام بمهامه أو نتيجة الوفاة، فإن الوضع الطبيعي والقانوني والدستوري هو أن يتولى رئيس المجلس التشريعي المنصب، لكن في المشهد السياسي الحالي، فإن هناك حالة ضبابية تخيم ذلك المشهد، حول إن كان من يدير السلطة حاليا هو رئيسها محمود عباس الذي يعاني من ظروف صحية قاسية، فهل اقتربت مرحلة ما بعد عباس؟

وقال مصدر طبي أمس إن رئيس السلطةمحمود عباس أجرى فحوصات طبية روتينية في مشفىً برام الله. وفي 20 مايو دخل عباس المستشفى إثر إصابته بالتهاب رئوي حاد، وغادره في 28 من ذات الشهر، وسبق أن أجرى عباس قبل نحو أسبوعين، عملية جراحية في الأذن الوسطى، وأُدخل بعدها إلى المستشفى لإجراء فحوصات.

وينص النظام الأساسي للسلطة الفلسطينية على أن يتولى رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة في حال شغور منصب الرئيس، لمدة شهرين، يصار في نهايتها إلى إجراء انتخابات رئاسية؛ كما ينص على أن يتولى المجلس المصادقة على الحكومة، ومراقبتها وإقالتها.

الدائرة المتنفذة

القيادي في حركة فتح "التيار الإصلاحي" عماد محسن يقول: إن المحيطين بعباس هم من يديرون المشهد الحياتي اليوم، والمقصود هنا أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح والأجهزة الأمنية، فلا أحد يستطيع الدخول لعباس إلا بإذن هؤلاء، مشيرا إلى أن هؤلاء يديرون مفاصل الحياة اليومية ويجرون كل التنسيق على المستوى الداخلي ومع الاحتلال والمجتمع الدولي، وربما "يعدون العدة لليوم التالي لغياب عباس عن المشهد السياسي".

وأضاف محسين لصحيفة "فلسطين": "إن أسوأ ما في الأمر أن كل ما يحدث هو غير دستوري، فالوضع الطبيعي أن تكون هناك حكومة تحظى بثقة البرلمان الفلسطيني، والقيام بإجراءات دستورية وقانونية في حال عدم قدرة عباس على القيام بواجباته وجهاز قضائي مستقل لا يحتكم لأي اعتبار سياسية عندما يقرر في الأشياء".

وأكد أن هناك معطيات حقيقة تؤكد أن عباس لا يمضي أكثر من ساعتين في اليوم الواحد بمكتبه، وأنه لا يجري استقبال أحد إلا من هؤلاء الذين يحيطون به وأن الأمور ليست على ما يرام بشأن صحة عباس، قائلا: "إننا نقترب كثيرا من لحظة تكون فيها الأمور السياسية ضبابية، في ظل تغييب المؤسسات الشرعية الرسمية".

وشددالقيادي الفتحاوي على ضرورة أن تبدأ المؤسسات الشرعية بالنهوض بدورها وتفعيل المجلس التشريعي، والانتقال الهادئ للسلطة، والتحضير لانتخابات عامة وأن يقول الشعب موقفه في عضوية المجلس الوطني، واختيار أعضاء التشريعي ورئيس السلطة.

وقال: "إن الوضع معقد وفتح في النهاية فصيل فلسطيني وليست حزبا حاكما، ولا تتمتع بأغلبية برلمانية، هي تستطيع اختيار من يرأسها كحركة أما منصب رئيس دولة فهذا أمر آخر فضلا عن اختيار باقي المؤسسات"، لافتا إلى أن المشكلة أن القيادات المتنفذة بفتح تعتقد أن انتخاب رئيس فتح سينهي المشاكل الأخرى.

تشرذم وتخريب

من جانبه، يقول القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بدران جابر: "إن النهج المتبع حاليا هو النهج السائد من قبل رئيس السلطة محمود عباس، لكن شخص عباس وصل لحالة مرضية قاسية، بالتالي يقوم الطاقم المكلف من خلاله بإدارة الشأن الفلسطيني".

وأضاف جابر لصحيفة "فلسطين" أن هذه المسألة يعالجها النظام الأساسي الفلسطينية التي يجب أن يكون مرجعية لها، مبينا أن النظام الأساسي عالج موضوع الحالة المرضية للرئيس بشكل واضح، كما أن التجربة الفلسطينية بعد وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات أعطت مؤشرا لآلية اتخاذ القرار.

واستدرك "لكن حتى الآن هناك إدارة ظهر للقانون الأساسي والأعراف الوطنية، وهذا سيقود إلى مزيد من تعميق الانقسام والتشرذم وتخريب النظام السياسي الفلسطيني".

وحذر جابر من أن مستقبل الشعب في خطر، خاصة في ظل التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية والأخطار المحدقة بها كصفقة القرن، التي تهدف لجر الشعب لحالة من الصراع وتصفية القضية.

كما حذر من تداعيات خطيرة لشغور منصب رئيس السلطة دون توافق فلسطيني، الأمر الذي قد يقود لتولي أشخاص هذا المنصب بالتعيين، خاصة في ظل غياب صيغ واضحة ورؤية وطنية تخرجنا من الانقسام وانعكاساته على المشروع الوطني.