فلسطين أون لاين

من هم الأكثر عرضةً لنوبات الهلع؟

...
غزة- الدوحة/ حنان مطير:

هل سبق وأن أُصِبتَ بنوبة من الهلع؟ هل تمتلك الصفات التي تُعرّضك للإصابة به؟ وإن أصِبتَ به، فكيف تصرّفت وكيف تصرف من حولك؟

"فلسطين" تلقي الضوء على ما يسمى بالهلع العُصابي وأعراضه وأسبابه وكيفيه الوقاية منه من خلال حديثها مع الأخصائي النفسي أ. تامر جمال، فلتتابع عزيزي القارئ ما قاله لـ "فلسطين":

الهلعُ هو أعلى حالات الخوف التي يمكن أن يتصورها الإنسان، إنه قمة هرم الخوف، والذي يتمكّن من جسم الإنسان كلّه وليس من المخيلة والوجدان فقط، فتظهر عليه أعراض جسديّة بدورِها تُطلِق سلسلة جديدة من الخوف، إذ يخاف على جسمه الذي لم يرَه بتلك الصورة أبدًا من قبل، ويخاف من فقد السيطرة على نفسِه، ومن الموت أيضًا وفق أ. جمال.

أعراض الإصابة

تعتري الشخصَ مجموعةُ أعراضٍ حادة، وتستمر لدقائق أقلها دقيقتان وقد تصل إلى 15 دقيقة، ناتجة عن خوفٍ غير مبرّر وغير معروف، لذلك تسمى الحالة بـ "نوبة هلع" وهي أشبه بالذبحة الصدرية،بسبب الضرب الشديد في القلب ثم الوخز، فتجد الكثيرين ممن يصابون بها يلجأ لأطباء القلب، ومن هذه الأعراض الشهيرة:

  • سرعة شديدة جدًا في ضربات القلب فيسمعها المصاب ويحسّها.
  • صعوبة في التنفس.
  • 3- ارتعاش في الأطراف وسخونة أو برودة فيها.
  • 4-تعرق مفاجئ وشديد.
  • تنميل أو وخز في الأطراف.
  • 6- اضطرابات في المعدة ودوار.

هذا الهلع يختلف عن الخوف الطبيعي الفطري كالخوف من الحيوانات، النار، القصف.. إلخ، ولو كان الخوف من أشياء غير طبيعية وبدرجات غير طبيعية لكنه لا يعرقل مواصلة حياتِه ومهامه الطبيعية فيسمى اضطرابًا، كالخوف من المصعد الكهربائي أو الفئران، أو مواجهة الناس المسمّى "رهاب اجتماعي".. إلخ، أما إن عرقل ممارسة حياتِه الطبيعية فيدخل في مسمى المرض النفسي.

ولكن في حالة "نوبة الهلع"يختلف الأمر، فتجد الشخص خائفًا من الخروج للعمل أو السفر أو زيارة الأصدقاء مثلًا.. إلخ، خوفًا من أن تصيبه النوبة التي بالعادة تأتي مفاجِئة وبلا مبرر ولا سبب وعلى فترات متباعدة كل 5 شهور تقريبًا.

أما عن أوقات تعرض الشخص لتلك النوبة فغالبًا ما يكون في الليل أو في الإجازات أو في الأوقات التي يصعب أن يجد له فيها مُساعِدًا، فهو يستدعيها في الأوقات الطارئة "لأسباب نفسية"، وبالتالي يتحاشى الخروج.

وبالغالب تجد أعراض النوبة تزول بمجرّد أن يبدأ المُصاب بالاطمئنان حين يشعر بأن الأهل حولَه أو يشعر بقرب الإسعاف أو في طريقه للمستشفى، وفي المستشفى وبعد كشف الأطباء له تكون النتيجة أنه لا يعاني من أي مشكلة عضوية، وهذه هي النقطة الفارقة، فإما أن يكمل الشخص حياته متنقلًا بين الأطباء بتخصصاتهم المختلفة أو يتعرف على أنه تعرّض بنوبِ هلعٍ زائلة بعد وقت قصير بإذن الله.

والنساء أكثر عرضة لنوبات الهلع من الرجال بضعفين أو ثلاثة أضعاف، في حين أن لأنواع الشخصية أيضًا دور في تحديد الأكثر عرضة للإصابة، فمن هي الأنواع الأكثر عرضة لتلك النوبة؟

  • الشخصية شديدة الحساسية: وهي تلك التي تغضب بسرعة وتفرح بسرعة وتتأثر بأبسط المواقف التي تتعرض لها، فكلمتان قد تُزعجاه طوال اليوم وتتركانه بلا نوم.
  • الشخصية شديدة الدقّة: كل شيء في حياتِها يجب أن يكون مضبوطًا، لا تترك شاردةً ولا واردة إلا وتضعها في مكانها وزمانها المحدّد، هي شخصية أقرب للشخصية الوسواسية وإن كانت شخصية مُنجزة.

ولو كانت نوبة الهلع تصيب الشخص مرة كل 5 شهور تقريبًا فالأمر لا يستدعي طبيبًا نفسيًا وعلاجًا، وقد يستدعي معالجًا نفسيًا إن زادت النوبة عن ذلك فباتت تصيب الشخص مرة كل شهر مثلا.

كيف تتصرف؟

كيف إذن نتصرف مع الشخص المصاب بنوبة الهلع؟ إن أول وأهمّ ما يمكن فعله للمصاب بتلك النوبة هو طمأنته ومساعدته في استشارة طبيب نفسي، لأن الغالبية العظمى من المصابين بتلك النوبة يظنّون أنهم يوشكون على الموت، بسبب الأعراض الشديدة والمفاجئة التي تصيبهم، كذلك عدم اتّهامه "بالـدّلع" مثلا كما يفعل البعض كونهم لم يرون سببًا واضحًا لحالته أو اتّهامه بضعف الإيمان.

فكما يُصاب الإنسان بأمراض الجسم العضوية فإنه مع الاحتكاك بالبشر والصراعات المختلفة التي تواجهها البلاد والمجتمعات تترك آثارًا نفسيًة صعبة داخل الإنسان، فتجد شخصًا يتابع الأخبار للمعرفة والثقافة دون انغماس في التفاصيل الدقيقة، وشخصًا آخر ينغمس في تفاصيل الألم فيتابع الاخبار 24 ساعة، ليناله قسط كبير من الأسى والألم النفسي الذي ينعكس فيما بعد على حياتِه، فهناك من يتأثر بها بدرجات شديدة للغاية بسبب شدة حساسيتهم وهناك من يتأثرون بشكل عادي.

لذلك وجب على الأهل اتباع الأساليب التربوية النفسية السليمة في التعامل مع المواقف ومحاولة حلّ المشاكل الشخصية، وتعليم الأبناء ذلك منذ الصغر لأن الحساسية المفرطة والدقة اللامتناهيةوغيرها أمور مكتسبة من الأهل والبيئة المحيطة، فكما يصيب الزلزال القشرة الأرضية الضعيفة فإن تلك النوبة من الهلع تصيب الإنسان ذي البنية النفسية الضعيفة أيضًا.